بعد خمس سنوات كادت فيها أزمة الديون السيادية أن تدمر اليورو، لا يزال ينبغي على زعماء أوروبا معالجة نقطة ضعف حاسمة: التهديد الذي تتعرض له المصارف بسبب الخسائر على السندات السيادية. وناقش وزراء المالية هذه المسألة قبل أسبوعين، وكان لا بد من مواجهة هذه المسألة بعد تأخير طال أمده. كانت الحكومات تتعرض للإعسار على مدى قرون، وقد عملت كل من الأرجنتين وروسيا واليونان مؤخرا على تذكير المقترضين، في حال احتاجت الذاكرة لبعض الإنعاش، بأن السندات السيادية ليست آمنة دائما. مع ذلك، يتعامل المنظمون الأوروبيون مع السندات الحكومية على أنها خالية من المخاطر عند تقييم القوة المالية للمصارف. بغرض معرفة ما إذا كان لدى المصارف ما يكفي من رأس المال لاستيعاب الخسائر المحتملة، تجدهم في الغالب يعتبرون أنه لا توجد مخاطر على الاستثمارات في الديون السيادية. بالتالي، من الطبيعي أن تشتري المصارف كثيرا. وهذه أنباء جيدة بالنسبة لحكومة كإيطاليا، التي تبيع سندات أكثر من أي دولة في أوروبا وتعتمد على المصارف المحلية لتمويل أكثر من 90 بالمائة من إجمالي مقترضاتها البالغة قيمتها 455 مليار يورو (514 مليار دولار). لا عجب في أن يقول وزير المالية الإيطالي بيير كارلو بادوان إن حكومته «تعارض بقوة» أية قيود تفرض على حيازة السندات. إن وجود الكثير من المشترين المحليين يجعل الاقتراض الحكومي أسهل ويساعد في إبقاء أسعار الفائدة منخفضة، لكن يمكنه أن يفاقم المخاطر التي تؤثر على سلامة النظام المالي. عندما يبدأ التشكيك في درجة مصداقية الحكومة، فإن المصارف التي تقتني السندات سوف تُجرجَر إلى الأدنى مع الحكومة أيضا. مع وصول الدين الحكومي إلى 10.5 بالمائة من أصول البنك، أي أكثر من ضعف متوسط منطقة اليورو، فإن النظام المالي في إيطاليا هش جدا. لن يكون مجديا أن الحوار الأوروبي حول مخاطر السندات السيادية مشتبك في نقاش أوسع نطاقا يتعلق بحماية المودعين فيما لو انهار أحد بنوك منطقة اليورو. اقترحت المفوضية الأوروبية برنامجا إلزاميا للتأمين على الودائع على مستوى المنظومة، لكن ألمانيا غير مستعدة لأن تدفع ثمن أخطاء البلدان الأخرى وترغب في أن تكون مصارف التكتل أقل تعرضا للمخاطر السيادية قبل أن توقع على البرنامج. هنالك حاجة للتأمين على الودائع في منطقة اليورو، لكن تحفظات ألمانيا ليست غير معقولة - خاصة عندما تفشل قواعد أوروبا في الاعتراف بأن بعض السندات الحكومية أكثر أمانا من غيرها. المشكلة هي أن القيام بذلك التمييز لا يكون أمرا سهلا دائما. عملت الأزمة المالية على تقويض مصداقية وكالات التصنيف. هناك دليل أفضل للمصداقية والجدارة الائتمانية ينبغي أن يكون مستمدا من مقاييس السوق مثل عائدات السندات، أو عقود التأمين المتقابل على السندات، التي يستخدمها المستثمرون للتأمين ضد الإعسار. (يفرض المستثمرون حاليا على اليونان رسوما بنسبة تبلغ حوالي 8.7 بالمائة للاقتراض لمدة 10 سنوات، مقارنة مع أقل من 0.2 بالمائة لألمانيا و1.4 بالمائة لإيطاليا). بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تطبيق مبدأ السلامة أولا. أيا كانت الصيغة الدقيقة، من الضروري مطالبة المصارف بالاعتراف بأن السندات الحكومية في ميزانياتها العمومية ليست خالية من المخاطر. وجعلهم يجمعون رأس مال إضافي مقابل ملكيتهم مثل هذه السندات والذي من شأنه أن يثبط الاقتراض المفرط من قبل الحكومات ويجعل المصارف أكثر متانة. في الحالات حيث يكون هذا الانضباط الإضافي حاجة ماسة، فإنه سوف يوقف الحكومات من حشو المؤسسات المحلية بالسندات السيادية ويجعلها تعمل بجد أكبر لإيجاد مجموعة أوسع نطاقا من المشترين لسنداتها. ومهما تعجلت الحكومات في ذلك فإنها لن تكون سريعة بما فيه الكفاية.