تطرقنا في مقالنا السابق الأسبوع الماضي لطريقة من طرق الاعتراض على الأحكام النهائية وهي (التماس إعادة النظر) وسقنا القول على تعريف الالتماس، ومشروعيته، والحالات التي يجوز فيها، واحكامه وشروطه، والحالات التي لا يمكن فيها تقديم الالتماس. وسوف نعرج بالحديث اليوم في هذا المقال، عن مدد ومواعيد واجراءات الالتماس، وآثاره. حيث إن لتقديم الالتماس مدة نص عليها النظام يجب مراعاتها عند تقديم طلب الالتماس للمحكمة التي أصدرت الحكم أو أيدته وهذه المدة هي ثلاثون يوماً، وهي مدة ثابتة إلا أن ميعاد احتساب المدة وهو (الثلاثون يوماً) يختلف بحسب اختلاف الأسباب التي بني عليها الالتماس والمذكورة حصراً في المادة المائتين من نظام المرافعات الشرعية والتي إذا وقع أحدها أو بعضها يحق للملتمس تقديم التماسه بناء عليها، فإذا كان الحكم قد بني على أوراق ظهر بعد الحكم تزويرها أو بني على شهادة قضي - من الجهة المختصة بعد الحكم - بأنها مزورة أو إذا حصل الملتمس بعد الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان قد تعذر عليه إبرازها قبل الحكم (فالثلاثون يوماً هنا تبدأ من اليوم الذي يثبت فيه علم الملتمس بتزوير الأوراق أو القضاء بأن الشهادة قد وقعت زوراً أو من تاريخ حصوله على الأوراق التي تعذر عليه إبرازها)، أما إذا كان الالتماس المقدم من صاحب الشأن قد بني على وقوع غش من الخصم من شأنه التأثير في الحكم، أو إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو قضى بأكثر مما طلبوه، أو كان منطوق الحكم يناقض بعضه بعضاً، أو كان الحكم غيابياً (فالثلاثون يوماً هنا تبدأ من وقت إبلاغ طالب الالتماس الحكم)، أما من لم يعد الحكم حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل في الدعوى (فالثلاثون يوماً تبدأ من تاريخ علمه بالحكم)، وهذا صريح ما نصت عليه المادة المائتين والمادة الأولى بعد المائتين من نظام المرافعات الشرعية الصادر بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم 13/ت/5332 وتاريخ 19/05/1435ه، وبناء عليه فاذا انقضت مدة اكثر من ثلاثين يوما، من تاريخ علم الملتمس بالمسوغ او من تاريخ الابلاغ بالحكم فإن الالتماس لا يقبل شكلاً. اما اجراءات تقديم الالتماس وكيفيه تقديمه، فتكون بصحيفة تودع لدى محكمة الدرجة الاولى التي اصدرت الحكم الملتمس منه - واذا كان الحكم مؤيدا من محكمة الاستئناف او المحكمة العليا فيجب في هذه الحالة ان تحيل محكمة الدرجة الاولى الحكم والصحيفة لتك المحكمة للنظر في الالتماس حسب كل حالة - ويجب ان تشتمل الصحيفة على بيان الحكم الملتمس اعادة النظر فيه - بذكر موضوعه نصاً او مضمونا - ورقمه، وتاريخه، واسباب الالتماس، والتي يجب ان تكون مستندة الى حالة او اكثر من الحالات المنصوص عليها في المادة (المائتين) من نظام المرافعات الشرعية - وهى على سبيل الحصر والتحديد - والا رفض قبول الالتماس موضوعاً. بالاضافة الى انه من المعلوم بداهة، انه يجب ان يذكر في الصحيفة اسم الملتمس وصفته في الدعوى. وبعد إنهاء إجراءات إيداع صحيفة الالتماس تقيد ادارة المحكمة الصحيفة في يوم ايداعها في السجل الخاص بذلك، وعلى المحكمة - بحسب الاحوال - ان تعد قراراً بقبول الالتماس او عدم قبوله، فإن قبلته فتنظر في الدعوى المحكمة التي اصدرت الحكم، وعليها ابلاغ اطراف الدعوى بذلك، وان لم تقبله فللملتمس الاعتراض على عدم القبول، وفقاً للاجراءات المقررة للاعتراض، ما لم يكن الحكم صادرا من المحكمة العليا (المادة202 فقرة (1) من نظام المرافعات الشرعية). وان المقصود بالاجراءت المقررة للاعتراض هي الالتزام بالمدد وهى ثلاثون يوما من تاريخ التبليغ بقرار رفض الالتماس، وان يكون الاعتراض امام المحكمة الاعلى، فاذا كان الرفض صادرا من محكمة الدرجة الاولى فيكون الاعتراض امام محكمة الاستئناف، واذا كان صادرا من محكمة الاستئناف فيكون الاعتراض امام المحكمة العليا - حسب الشروط والضوابط لذلك - أما اذا كان الرفض صادرا من المحكمة العليا فلا يجوز الاعتراض ابتداءً - لانها أعلى هيئة قضائية في التنظيم القضائى الجديد - وهذا ما نصت عليه المادة (202) فقرة (1) من نظام المرافعات الشرعية. وذلك بخلاف ما كان معمولا به في نظام المرافعات الشرعية القديم (الملغى) والذى كان يوجب تقديم الالتماس الى محكمة التميز ابتداءً. آثار التماس إعادة النظر تنعكس آثار التماس إعادة النظر إما بقبوله أو رفضه ففي حالة قبول الالتماس فإنه يعاد النظر في موضوع الدعوى من قبل المحكمة التي نظرت القضية واصدرت الحكم وفق المسوغ المطروح في الالتماس ولا يتعدى الى غيره، ويحق لرافعه طلب وقف تنفيذ الحكم، حيث قد يكون طلب وقف تنفيذ الحكم تبعاً لطب الالتماس وقد يكون بطلب مستقل، ويجوز للمحكمة التي تنظر الالتماس ان تأمر بوقف التنفيذ، اذا كان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه، وللمحكمة عندما تأمر بوقف التنفيذ - على الملتمس أن توجب تقديم ضمان او كفيل غارم مليء، او تأمر بما تراه كفيلاً بحفظ حق المعترض عليه (المادة 202 فقرة (2) من لائحة نظام المرافعات الشرعية). وذلك بخلاف ما كان معمولا به في نظام المرافعات الشرعية القديم (الملغى) والذى كان يوجب على القاضى - أي ليس اختياراً - عند قبول الالتماس شكلاً ايقاف التنفيذ للحكم حتى البت في الموضوع. أما في حالة الرفض من قبل محكمة الاستئناف او من قبل المحكمة العليا للحكم المؤيد منها فيجب عليهما - حسب الحالة - تزويد الدائرة التي اصدرت الحكم بنسخة من قرار الرفض لتدوينه لديها في الضبط. (المادة202/1 من لائحة نظام المرافعات الشرعية). ومما تجدر الإشارة إليه أن الاحكام التي تصدر في موضوع الدعوى من غير المحكمة العليا - بناءً على التماس اعادة النظر - يجوز الاعتراض عليها بطلب استئنافها او بطلب نقضها بحسب الأحوال (المادة 203 من نظام المرافعات الشرعية). أما القرار الذي يصدر برفض الالتماس، والحكم الذي يصدر في موضوع الدعوى بعد قبوله، لا يجوز الاعتراض على أي منهما بالتماس إعادة نظر مرة أخرى، ولأي من الخصوم التماس إعادة النظر مرة.