كثير من شبابنا يدخل في حلقات متداخلة من الاحباطات والارهاصات التي تجعله يبحث عن عزرائيل في تعبيرٍ مجازي باحثاً عن الموت، مهلكاً حياته غصباً وقسراً، فتراه يهيم بوجهه في الطرقات، يُعربد هنا وهناك، يقوم بأمور لم يوازنها من قبل، ولم يعقلها حتى، لتمضي الساعات المتبقيات من عمره الذي حال عليه حول الحياة كما يظن بعد أن اتفقت الخطوب ضده! يؤكد علماء النفس أن ظاهرة قبول الإحباط والرضا به أكثر قوة عند الشباب، وهذا نتيجة لإفرازات الواقع الذي يعيشونه من كبت وعدم اهتمام، والمستقبل المنشود هو تخفيف المعاناة والتقليل من هذه الظاهرة، والواقع يشهد تعقيداً مركباً في حاجياته وصعوبة تحقيق متطلباته، إذ إنه من المتحتم على الحكومات والمؤسسات القضاء على مسببات هذه الظاهرة، التي يدخل فيها تراجع البعد الديني والاستسلام لإملاءات أهل الهوى والزيغ والبطالة التي تسيطر على واقع الشباب، بالإضافة إلى استسلامهم للضغط الاجتماعي الذي لا يرحم أخطاءهم ولا يقف بجانبهم في الوقاية أو العلاج من احتياجاتهم معنوياً ومادياً، وغير ذلك من بذور الإحباط التي نبتت بماء الواقع في حياتهم. فالشباب هم مصدر الانطلاقة للأمة، لذلك هم يملكون طاقات هائلة لا يمكن وصفها، وبالسهو عنها يكون الانطلاق بطيئا، والبناء هشاً، والصناعة بائدة، والتطلع المنشود هو اكتشاف الطاقات للشباب، ومن ثم توجيهها إلى من يهتم بها ويفعّلها التفعيل المدروس، حتى يتم استثمارها. واعتبر كما يعتبر الاستراتيجيون أن هذا المشروع الاستثماري له أرباح مضمونة متى ما وَجَد اهتماماً بالغاً من الحكومات والمؤسسات، والتطُلع المَنشود من خلال هذا المحور هو عملية تعديل إيجابي تتناول طاقة الشاب وتنمّيها حتى يكتسب المهارة والإتقان. ونحنُ من خلال هذه الإضاءات نتطلع إلى المستقبل الذي يحتفي ويربي، ويستثمر، ويحمي الشباب، لأن الشباب هم مقياس تقدم الأمم وتأخرها، والواقع اليوم يشهد قلة اهتمام من الحكومات والمؤسسات في الاهتمام بأعظم ثروة عندها وهي الشباب، فالنتاج اليوم وكل يوم نجد أنه نتيجة أعمال فردية مرتجلة لا يسبقها تخطيط واضح، وعمل مترجم، ورؤية مستقبلية ناضجة، ونحن بهذا الحكم لا ننكر بروز بعض الجهود المبذولة في خدمة الشباب، إلا أن ذلك يعتبر نقطة في بحر مما يجب فعله لهذه الثروات القوية التي تتجدد بتجدد الأيام والأعوام. إنَّ السعي للموت دون بطولة وهدر الحياة في الطرقات سببها الفراغُ الشديد والاحباط، وهي دليلٌ على فقر الإيمان والخُلُق، نحنُ نعلم أن الله تعالى خلقنا لتحقيق غاية الحياة، ألا وهي عبادته سبحانه وتعالى، وكرّمنا على جميع مخلوقاته بالعقل والتكليف، لذا كان لزاماً على كل إنسانٍ منا أن يُعطي عقلهُ حظَهُ من التفكر والتدبُّر في مَلكوت اللهِ، فيستشعر عَظمة الله في كل شأن من الشؤون، وبالتالي لا يسرحُ في الدُنيا بحثاً عن مغامرات دموية ومسلسلات فنتازيّة تؤدي إلى الهلاك والتردي، فأين العقل يا صاحب العقل، فهل تسيرُ للموت دون بطولة مذكورة؟!.