(قالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر، وما لهم بذلك من علم، إن هم إلا يظنون) الجاثية (24). يخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية عن أوائل الملحدين المندرجين تحت لواء المدرسة المادية الإغريقية ومن تبعهم من العرب. على مدار تاريخ الإنسان، عدد الملحدين في العالم قليل جدا، وانحسر أكثر بعد ظهور الإسلام.. ونسبته في العالم الإسلامي – الآن - تكاد لا تذكر. مع الأخذ في الاعتبار، أن العدد الحقيقي غير دقيق تماما على مستوى العالم كله.. نظرا لعدم وجود ايديولوجية متفق عليها للملحدين، كما لا توجد مدرسة واحدة تجمع فكرهم، ولا يستثنى من ذلك حتى فلاسفة الإلحاد الذين ظهروا في الثلاثة قرون الأخيرة. (الإيمان) فطرة إنسانية، وعدم وجوده يعتبر شذوذا عنها.. فالإيمان يساعد على التعايش مع المصائب والنكبات.. ويعين على ظروف الحياة القاسية ويمنح فضيلة (الصبر) قوتها. كلما زاد معتقد الفرد بخالق خارق وله قوى غير منظورة، ازدادت درجة التحمل لمواجهة وعيد الدنيا.. أملا في وعد الآخرة. معظم الذين يدعون (الإلحاد) – خصوصا في الشرق الأوسط -، وكما تكشف مواقعهم في التواصل الاجتماعي، هم في الحقيقة مؤمنون ولكنهم ناقمون على الأقدار. وقد تشوشت عقولهم بعدم استيعاب العدل الإلهي.. ويستدلون في نقدهم للعدالة على: مجاعات العالم، وموت الأطفال، وكوارث الطبيعة القاسية التي لا ترحم الضعفاء ولا تشفق عليهم وتجعلهم أكثر المتضررين من تقلباتها وغضبها.. ويعتقدون – لقلة التفكر - أن ذلك يتناقض مع العدالة. نشر عبارات التطاول على الملكوت الأعلى لها اسم آخر غير الإلحاد.. فالإلحاد يعني عدم الاعتقاد بوجود إله.. ورفض وجوده. والحال كذلك، لا يفترض أن يتم التطاول على ما هو غير موجود في نظرهم؟.. المنطق لا يستقيم. الإعلام العالمي مارس لعبة الخداع البصري للتجديف على العالم الإسلامي مدعيا أن أعداد الملحدين فيه تتزايد. ولكن الواقع – والحكم هنا هو مواقع الملحدين باللغة العربية وعدد من يتابعها حتى وإن كان من باب الفضول - يدل على أن الظاهرة هي: الجرأة والتطاول على القدر، الذي يريدونه أن يكون طوعا لرغباتهم وأهوائهم وميولاتهم. هم يؤمنون.. وإلا.. لا معنى من التطاول على ما يعتقدون أنه غير موجود..