هيبة المسؤولية العامة جزء أصيل من كفاءة القيادي والمسؤول في أداء أدواره، وذلك أمر لا يتوقف عنده وإنما هو من هيبة الدولة والجهاز الذي يعمل به، ما يجعله أكثر حرصا على كل قول أو فعل لا يحسب عليه في سياق شخصي وإنما بحسب موقعه الذي يمنحه هالة وتركيزا بصريا وذهنيا لكل حركته في الشأن العام. نتفق الى حد كبير مع ما ذهب اليه عضو في مجلس الشورى من تحميل معهد الإدارة العامة مسؤولية ما يتعرض له بعض الوزراء من التندر، بسبب عدم قدرتهم على التعامل مع الجمهور، وقال إن بعض القياديين لم يحسنوا التواصل مع الجمهور سواء المحلي أم الدولي، وعلى رغم حساسية مناصبهم إلا أن كثيرا من تصريحاتهم تدعو للتندر. لا يخلو عمل عام من النقد والانتقاد، وكل مسؤول في موقع عام لا بد أن يضع في اعتباره تعرضه لانتقادات، سواء كانت موضوعية أو ذاتية، تتعلق بقضية في إطار عمله أو ربما يبالغ المنتقد ويدخل في نطاق شخصي، وتلك ضريبة لا بد من دفعها، ولكن الأسوأ أن يصدر قول أو فعل من المسؤول أو القيادي دون أن يتحسّب له، لأن الفعل العفوي وغير المدروس يصبح مادة خصبة للجدل أو التندر أو السخرية، وفي كل الأحوال ذلك ينعكس سلبا على الجهاز أو المؤسسة ويتسبب في حرج كبير، خاصة وأننا في حالة تفاعلية كثيفة ورهيبة هي بالضبط التي تصنع الرأي العام الاجتماعي، فما يحدث يتم تناوله بسرعة البرق في تويتر والمواقع الاجتماعية ويمكن ان يضاف اليه كثير من التفاصيل الانطباعية غير ذات الصلة بالقضية، فيما يجد بعض الناس الهدر الكلامي فرصة لتفريغ شحنة انتقادات شخصية وتحميل القضية أكثر مما تحتمل. من واقع بعض النماذج التي دفعت عضو مجلس الشورى الى إيقاف العبث بالشخصية العامة بدءا من ترميم الأداء الوظيفي الذي هو مسؤولية معهد الإدارة العامة، ينبغي أن يتعامل المسؤولون من خلال تجاربهم العملية بحساسية أكثر فيما يصدر عنهم، فمن حولهم مستشارون وتكنوقراط متخصصون في كل تفاصيل العمل بالجهاز الذي يعملون به ويجب قبل ظهورهم الإعلامي أن يتدارسوا معهم ما يجب قوله وغير الضروري الحديث فيه، حتى لا يخرج أي تصريح أو فعل عن سياقه وينتهي كمادة في المواقع الاجتماعية وعنوان عريض للسخرية والتقليل من شأن المسؤول ومسؤوليته وإظهاره بمظهر غير العارف بمقتضيات عمله لأن ذلك في الواقع غاية الحرج.