تمر شركة الشبكة الحكومية في الصين، أكبر شركة للكهرباء في العالم، في نهم شراء مثير للإعجاب. كما تفيد أنباء بلومبيرج، تنهمك الشركة «بنشاط في تقديم العطاءات» لأصول الكهرباء في أستراليا، على أمل إضافتها إلى مجموعة شركات إيطالية وبرازيلية وفلبينية. مع ذلك، الهدف ليس الاستثمار ببساطة. حيث إن لدى ليو تشينوا، رئيس مجلس إدارة الشركة، خطة يعتقد بأنها ستوقف ظاهرة الاحترار العالمي وخلق فرص عمل لملايين من الناس وإحلال السلام في العالم بحلول عام 2050. الفكرة هي ربط تلك الشبكة وغيرها من شبكات الكهرباء بشبكة عالمية سوف تعمل على توليد الكهرباء من طواحين الهواء الموجودة في القطب الشمالي والمصفوفات الشمسية الشاسعة في صحارى إفريقيا، ومن ثم توزيع الطاقة على جميع أنحاء العالم. من بين المزايا الأخرى، وفقا لليو، سوف ينتج النظام «مجتمعا من المصير المشترك للبشرية جمعاء التي تحظى بسماء زرقاء وأرض خضراء». إنها فكرة مجنونة، بالطبع. ولو كان هذا الاقتراح المعروف باسم «الترابط الدولي في الطاقة العالمية» من قبل أي شخص غير رئيس شركة الكهرباء الأكثر ثراء في العالم، لما كانت استحقت الكثير من الاهتمام. لكن المبلغ النقدي الذي تولد لدى شبكة كهرباء الدولة في العام الماضي والبالغ 50 مليار دولار يمنح الشركة الجيوب العميقة والمكانة السياسية لتضع أولوياتها على جدول أعمال الطاقة الدولية. في شهر سبتمبر الماضي، لم يدع إلى إجراء محادثات علنا حول تأسيس شبكة عالمية سوى الرئيس الصيني تشي جين بينج، في الوقت الذي شاركت فيه منظمات بحوث رائدة - بما فيها مختبرات آرجون الوطنية ومعهد إديسون للكهرباء - في مؤتمرات تبحث في ما يمكن أن يلزم لإنشاء مثل هذه الشبكة. وما إذا كان سيتم إنشاء مثل هذه الشبكة أم لا، تعمل التكنولوجيات التي تكمن وراء فكرة ليو بالفعل على تغيير كيفية إنتاج الطاقة وتحويلها خلال العقود القادمة. تعود فكرة إنشاء شبكة كهرباء فائقة إلى ما لا يقل عن فترة السبعينيات، عندما تم تطوير تقنيات التيار المباشر ذات الفولطية العالية لأول مرة. وهي تسمح بنقل الكهرباء لمسافات طويلة مع خسارة أقل للطاقة من الأنظمة التقليدية التي تستخدم التيارات المترددة. في أمريكا الشمالية، لا تزال التكنولوجيا ذات الجهد المرتفع غير مستخدمة كثيرا. لكن في البلدان النامية حيث غالبا ما تقع مصادر الطاقة - مثل السدود الهيدروكهربائية - بعيدا عن العميل النهائي، فهي تتمتع بشعبية متزايدة. أنفقت الصين، أكبر مستخدم للكهرباء في العالم، مبلغ 65 مليار دولار على تحديث الخطوط لتصبح ذات فولطية في العام 2014، جزئيا لربط محطات الرياح المعزولة جغرافيا بمدنها الساحلية سريعة النمو. من بعض النواحي، يبدو توسيع نطاق الشبكة عبر الخطوط الوطنية وكأنه تطور طبيعي. قبل أكثر من عقد من الزمن، اقترحت إحدى المجموعات الألمانية تطبيق فكرة «ديزيرتك»، وهي شبكة سوف تنقل الطاقة الشمسية من شمال إفريقيا إلى أوروبا. في الوقت نفسه، في عام 2012، اقترح ماسايوشي سون، رئيس سوفت بانك في اليابان، إنشاء «شبكة آسيوية فائقة» تعتمد على محطات رياح عملاقة في مونغوليا لتوليد الطاقة اللازمة لكل من كوريا الجنوبيةواليابانوالصين وربما روسيا. في وقت سابق من هذا الأسبوع، انضمت شركة الشبكة الحكومية الصينية رسميا لسوفت بانك، وشركة كوريا للطاقة الكهربائية وروسيتي بي جيه إس سي لدراسة جدوى مثل هذا النظام. أي من هذه المخططات سوف يكون نعمة بالنسبة لمنتجي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. لكن نظرا لأن الشبكات المتوخاة هي شبكات إقليمية، فإنها ستظل عرضة لأن تعاني من أوجه اللبس الناتجة عن الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. نظريا، قد تعمل الشبكة العالمية على حل تلك المشكلة عن طريق ربط مولدات الطاقة في القطبين الشمالي والجنوبي وفي خط الاستواء. في الواقع، لن تغرب شمس الترابط الدولي للطاقة العالمية، والطاقة سوف تتدفق ليلا أو نهارا، سواء أكان الطقس غائما أو صافيا. السؤال الكبير هو كيفية إدارة مثل هذا النظام. كما ورد في كتاب مليء بالتفاصيل الفنية الدقيقة، الذي كتبه ليو، رئيس مجلس الإدارة، من أجل تعزيز المفهوم، قد لا تكون هنالك أي قوة مركزية لتوزيع السلطة. بدلا من ذلك، قد تعمل الشبكة الذكية الشبيهة بالانترنت على توزيع الطاقة بحسب الحاجة، مع تحول مخصصاتها تلقائيا أثناء دوران الكرة الأرضية وتصل المناطق المختلفة إلى ذروة الطلب على الطاقة خلال النهار. من الناحية الفنية، تعتبر الرؤية معقولة بالتأكيد. حيث إنه يجري نقل الطاقة اليوم إلى مسافات أبعد كثيرا من قبل على الإطلاق، وتكنولوجيا الشبكة الذكية آخذة في التحسن وبسرعة. لكن رؤية ليو تواجه عقبات جيوسياسية كبرى، بما في ذلك القوانين (في اليابان على سبيل المثال) التي تحظر استيراد الطاقة من البلدان الأجنبية. بالمثل، يبدو من غير المرجح أن تكون الصين قادرة على إقناع الدول التي تسيطر على منطقة القطب الشمالي بفتح المنطقة أمام استثمارات الطاقة الصينية. ومن ثم هنالك مسألة التكلفة. حيث تقدر شركة الشبكة الحكومية بأنه قد تبلغ تكلفة المشروع 50 تريليون دولار لتطوير شبكة عالمية بحق. وهذا قد يتطلب عمليات شراء دولية خلال فترة من العقود. في كل مرة عندما تكون النزعة القومية وقصر المدى في تزايد في كل أنحاء العالم، تبدو مثل هذه الإمكانية أمرا بعيد المنال. مع ذلك، ليس هنالك أي سبب وجيه للتخلي عن طموحات ليو. في الوقت الذي ربما لن يتم فيه بناء أي شبكة فائقة أبدا، من المؤكد أنه سيكون هناك نمو في شبكات إقليمية أكبر وأكبر. الولاياتالمتحدة، التي تعمل ببطء على تحديث شبكة الطاقة القديمة لديها، تتخذ موقفا فريدا لتطوير شبكة ربط دولي للطاقة تخصها وحدها، أو أن تقود شبكة إقليمية. وهذا ربما يكون أحد الأفكار الصينية التي تستحق التبني.