اتفقت المملكة ومصر على حزمة مشروعات لدعم شبه جزيرة سيناء منها: دعم التنمية وإنشاء منطقة تجارة حرة، وجامعة الملك سلمان في شبه الجزيرة التي يخوض المصريون فيها حربا ضروسا ضد الجماعات الإرهابية. ولعل الاستثمار في مكان مهدد بالارهاب يبدو مخاطرة كبيرة، ويعتبر استثمارا نادرا، لكنه، حسب محللين ،مثل خطوة كبرى على طريق مكافحة الارهاب في شبه الجزيرة. مفهوم واسع للأمن وتقول الباحثة المصرية إيمان زهران في المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية في القاهرة ل "اليوم": إن استثمار السعودية في سيناء يدل على اتساع مفهوم الأمن بين الدولتين ليشمل التنمية والآلية السكانية، في رسالة مفادها: استكمال سيطرة الجيش المصري على بؤر الإرهاب في سيناء والتوجه نحو الاستقرار وإعادة التعمير". ووصف إبراهيم الغيطاني رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية بالمركز نفسه الاستثمار بأنه "اختيار ذكي من السعودية"، وقال الغيطاني ل "اليوم": إن "ذكاء الاختيار أنه ارتكز على مشروعات تستهدف المواطنين لاسيما المناطق الحدودية والأقل تنموية مثل سيناء". التنمية "تعدم" حواضن الإرهاب من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أكرم عطا الله: إن" أهم ما جاء في الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لجمهورية مصر العربية، هو موضوع الجسر الذي يربط السعودية مع مصر، وهذا الجسر، يعد أهم عملية إحياء وتنمية ستحدث في شبه جزيرة سيناء". وأضاف خلال حديثه لصحيفة "اليوم": "أزمة سيناء في جزء منها لم تكن جزءا من الخطط التنموية المصرية، الأمر الذي أنتج مع الزمان شريحة مصرية بعيدة عن مركز القيادة وقريبة إلى الجماعات القبلية التي حولت نتيجة للعوامل المحيطة إلى تربة خصبة للجماعات الإرهابية". وأوضح عطا الله أن التنمية التي زرع خادم الحرمين الشريفين ثمارها في سيناء ستحقق - على المدى القريب - شيئا كبيرا وايجابيا لصالح مصر، وستكون مقدمة للقضاء على الارهاب وبنيته. وأكد عطا الله أن التنمية يمكنها القضاء بقوة على أي منظومة إرهابية، قائلاً: "الإرهاب له بيئة معينة ينمو فيها تكون قائمة على التهميش والفقر، وإذا دخلت التنمية سيناء - وفقاً لمشروع نهضوي - بالتأكيد هذا سيعدم إمكانية البيئة الحاضنة للإرهاب". بدوره اتفق الكاتب والمحلل السياسي الدكتور حيدر عيد مع نظيره عطا الله على أن التنمية في شبه جزيرة سيناء ستكون مدخلا لإنهاء الإرهاب فيها. وقال ل "اليوم": "يجب أن يكون هناك مزيد من الاهتمام من الحكومة المصرية، وبدعم من الحكومات العربية، تجاه سيناء في ملف التنمية". ورأى عيد أن التركيز على التنمية في سيناء خاصة الاقتصاد سيؤدي إلى انخفاض العمليات الإرهابية التي تحدث بشكل شبه يومي. واعتبر أن الفقر ساهم في تقوية الارهاب بسيناء، وقال: "أعتقد أن مباشرة التنمية في سيناء ستنهي الفراغ الكبير الذي تسبب في تنامي الارهاب فيها" فالتنمية والتعليم هما كلمة السر ضد التطرف. من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني لقمان اسكندر، الذي استطلعت "اليوم رأيه: إن "التنمية والتعليم يشكلان كلمة السر في معالجة التشدد بصفة عامة، فيما يعتبران الحل الذكي للحالة المصرية"، لافتاً إلى أن "خادم الحرمين الشريفين بخطوات الأمل التي يخطوها في مصر يقدم نموذجاً ومقاربة مغايرة للسائد في التعامل مع ظاهرة التشدد". ويرى اسكندر أن "الملك سلمان بن عبدالعزيز يقدم لأهل سيناء، عبر المشاريع التنموية والتعليمية، تدخلا منقذا لشبه الجزيرة، ما سيعيد الأمل إلى أهالي المنطقة". جامعة الملك سلمان نبراس للأمل قال عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني النائب المخضرم خليل عطية، في حديث ل "اليوم": إن "خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يقدم، بمبادراته في مصر عموما وسيناء خصوصا، معالجات جديدة تستخدم لأول مرة في مواجهة التشدد، وتعتبر اختراقا للسائد من المعالجات الأمنية والعسكرية، التي ثبت عدم جدواها". وأضاف النائب عطية: "خادم الحرمين الشريفين هو ملك الأمل، فخطاه - أيده الله- تحيي الأمل في نفوس شعوب المنطقة، بعد فقدانهم أسباب العيش، سواء نتيجة الفقر والبطالة أو نتيجة للارهاب الأعمى الذي يضرب بجنون". ويشير عطية إلى "جامعة الملك سلمان بن عبدالعزيز، الجاري إنشاؤها فى جنوبسيناء، التي ستقدم خدماتها التعليمية لأهالي المنطقة، بما يعيد تشكيل وعيهم الوطني والقومي والإسلامي، وبما يصنع أجيالا سيكون نبراسها العلم والتعلم باعتبارهما نورا يهتدي به الإنسان". مشاريع المملكة ستزهر الأمل في الصحراء وأبرمت المملكة ومصر مجموعة من الاتفاقات الخاصة بسيناء ينتظر أن "تصنع واقعاً جديداً في سيناء"، وفق وصف الأكاديمي والخبير الاقتصادي د. أحمد البركات. وقال د. البركات، الذي استطلعت "اليوم" رأيه بشأن مستقبل سيناء: إن "مبادرات خادم الحرمين الشريفين، التي أعلن عنها خلال الأيام الماضية، سيلمس نتائجها المواطن المصري في سيناء على الفور، إذ تعتبر في مراحلها الانشائية واحدة من المشاريع المشغلة للأيدي العاملة، فيما ستكون - بعد انجازها - ذات اثر ممتد، ستلمسه الأجيال الحالية والقادمة". ويرى بركات أن "شبه جزيرة سيناء غني بالموارد الطبيعية، التي ظل توظيفها في مستويات متدنية نتيجة لعوامل عدم الاستقرار، سواء الداخلي أو الخارجي، إضافة إلى غياب البنى التحتية اللازمة لاستقطاب المنطقة للمشاريع التنموية". ويعتبر بركات أن "سلسلة المشاريع التي تنوي السعودية تنفيذها في سيناء، وشرعت في تنفيذ بعضها، ستشكل قاعدة متينة لانطلاق عمليات التنمية المستدامة، بما يجعل الصحراء تزهر أملاً".