لقي إعلان خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز اتفاق القاهرة والرياض على تشييد جسر بري يربط بين مصر والسعودية ترحيباً من قبل خبراء سياسيين ومتخصصين في مجال السياحة والنقل. ووصف مختصون الاتفاق بالحلم الذي طال انتظاره، مؤكدين في الوقت ذاته أن الجسر سيكون شريانا جديدا بين قارتي آسيا وأفريقيا. وقال الملك سلمان في مؤتمر صحافي في القاهرة أمس الأول «ان هذه الخطوة التاريخية متمثلة في الربط البري بين القارتين الافريقية والآسيوية تعد نقلة نوعية حيث ترفع التبادل التجاري بين القارتين لمستويات غير مسبوقة وتدعم صادرات البلدين». وأكد خادم الحرمين في كلمته، ان الجسر «سيشكل منفذا دوليا للمشاريع الواعدة بين البلدين ومعبرا رئيسيا للمسافرين من حجاج وسياح بالإضافة إلى فرص العمل التي سيوفرها لأبناء المنطقة». ويهدف الجسر الذي سبق وطرحت فكرته أكثر من مرة سابقا إلى تذليل عقبات الانتقال البري بين البلدين عبر البحر الأحمر ما سيزيد من حجم التبادل التجاري والاقتصادي بينهما. ويقول خبير الطرق والكباري الدكتور أحمد الحكيم، استاذ هندسة الطرق بهندسة الازهر ل«اليوم»: «ان هذا الجسر يعد بمثابة حلم طال انتظاره منذ 1988 عندما بدأ الحديث عن جسر سيربط بين مصر والسعودية». واكد وزير النقل والمواصلات المصري، الدكتور جلال السعيد، انه تم الانتهاء من الاتفاق السياسي بين البلدين وانه في الوقت الحالي يتم الاتفاق على الجانب الفني. وقال السعيد، في تصريحات صحفية، نحن بصدد بدء الاجراءات الفنية للمشروع الذي سيقوم به فنيون مصريون وسعوديون، والذين سوف يقومون بتحديد من أين يبدأ الجسر وأين ينتهي. طريق جديد للحج البري يقول عبدالرحمن أنور، عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية، «ان الجسر المزمع انشاؤه سوف يوفر وقتا كبيراً لحجاج شمال افريقيا الذين يذهبون الى السعودية براً». واضاف أنور، في تصريحات ل «اليوم» عبر الهاتف، «ان الجسر سوف يكون بمثابة البديل الأفضل للحجاج، لأنه سيوفر الوقت ويقصر المسافة بين البلدين، بالإضافة الى انه سوف يكون أكثر أماناً للحجاج». وطبقاً لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية، فان عدد الحجاج العام الماضي بلغ مليونا و952 ألفا و817 حاجا، منهم مليون و384 ألفا و941 حاجا من خارج المملكة. واوضح أنور ان الجسر سيوفر في نفقات الحج وسيوفر أيضا في ساعات السفر والتي يعزف عدد كبير من الحجاج عن اجراء مناسك الحج بسبب طول المسافة بين بلدانهم والسعودية. وأكد أنور «لن يؤثر الجسر الجديد على شكل السياحة بمنطقة شرم الشيخ، بالعكس سيساعد الجسر في زيادة عدد السياح الذين سيأتون الى شرم الشيخ وخصوصاً من الجانب الخليجي ودول وسط وجنوب شرق آسيا والذين سيأتون الى مصر من أجل السياحة والاستثمار». انفراجة للاقتصاد المصري ويعاني الاقتصاد المصري بشدة بسبب تراجع عائدات السياحة وانحسار الاستثمار الأجنبي منذ الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في فبراير 2011، وتراجع احتياطي العملات الأجنبية في البنك المركزي من 36 مليار دولار قبيل عزل مبارك إلى نحو 17 مليار دولار أمريكي الشهر الفائت. ويتوقع الخبراء ان يكون الجسر الجديد بمثابة انفراجة للسياحة المصرية بالإضافة لإسهامه في تسهيل حركة التنقل بين البلدين، ويقول الحكيم: الجسر الجديد سوف يكون بمثابة شريان جديد للتبادل التجاري بين أفريقيا وآسيا، حيث سيوفر على المستثمرين الوقت الطويل لنقل البضائع من آسيا لأفريقيا. وأوضح الحكيم، ان الجسر لا يخدم فقط حركة النقل والمواصلات بين البلدين، انما سيعمل على تنشيط عدد من القطاعات الاقتصادية في مقدمتها الانشاءات والبنية التحتية، وخصوصاً في وجود مشروعات شرق التفريعة والاستثمارات التي أعلن عنها الرئيس خلال المؤتمر الاقتصادي. تاريخ قديم وجاء طرح المشروع لربط البلدين قبل 27 عاما وتم الاتفاق بين الملك فهد بن عبدالعزيز -يرحمه الله- والرئيس حسني مبارك عام 1988 خلال اجتماع القمة السعودية المصرية بالقاهرة، وذلك بهدف انشاء منطقة عربية استراتيجية تربط بين الدول العربية مصر والسودان وشمال افريقيا ودول الخليج والعراق والاردن، إلا انه لم يتم تنفيذ الاتفاق، وظهرت الفكرة مرة اخرى مع وزير النقل الأسبق عصام شرف في 2004 على أن يقوم بتنفيذ المشروع سبع شركات دولية. ولكن لم يتم اتخاذ أي خطوة حقيقية في المشروع ليتوقف حتى زيارة الملك سلمان للقاهرة ليعلن الطرفان عن انشاء الجسر. وأشار المحلل السياسي واستاذ القانون الدولي عطالله ان الجسر سيقرب العرب بعضهم البعض وسيساعد لإنشاء علاقات اقوى بين عرب آسيا وعرب أفريقيا، بالإضافة الى انه سيرسخ العلاقات المصرية السعودية التاريخية، واكد عطالله أن مصر والسعودية تأخرتا كثيرا في تدشين هذا الجسر الذي حلم به العرب.