أمرت حكومة الوفاق الوطني في ليبيا كل المؤسسات، أمس، باستخدام شعارها وبالحصول على موافقتها في كل النفقات، وذلك بعد ساعات على إعلان الحكومة غير المعترف بها دوليا في طرابلس تخليها عن السلطة. ودخلت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج طرابلس، قبل أسبوع، وسرعان ما حظيت بدعم سياسي واقتصادي كبيرين. وأمرت حكومة الوفاق الوطني، الأربعاء، المصرف المركزي ب"تجميد" كل الحسابات العائدة إلى وزارات ومؤسسات عامة بينها مؤسسات تابعة لشرق البلاد، وأخرى لطرابلس. وسيتعين على هذه المؤسسات الحصول على موافقة حكومة الوفاق الوطني على نفقاتها. التخلي عن السلطة أعلنت الحكومة غير المعترف بها دوليا في العاصمة الليبية، مساء الثلاثاء، تخليها عن السلطة، لتفسح المجال بذلك أمام حكومة الوفاق الوطني. وقالت الحكومة التي يترأسها خليفة الغويل وإدارت العاصمة ومعظم مناطق الغرب بمساندة تحالف "فجر ليبيا" المسلح منذ أغسطس 2014 في بيان تلقته "(...) نعلمكم بتوقفنا عن أعمالنا المكلفين بها كسلطة تنفيذية رئاسة ونوابا ووزراء". وأوضحت أنها قررت التخلي عن السلطة "تأكيدا على حقن الدماء وسلامة الوطن من الانقسام والتشظي" وأنها "تخلي مسؤوليتها وتبرأ أمام الله تعالى وأمام الشعب الليبي، من أي تطورات قد تحدث مستقبلا". دعم أممي وجاءت هذه الخطوة التي تعزز حكومة الوفاق الوطني، بعيد تأكيد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر في طرابلس، الثلاثاء، أن المنظمة الأممية مستعدة لتقديم "كل الدعم اللازم" لإنجاز عملية تسليم السلطة إلى حكومة الوفاق الوطني. وجاءت زيارة كوبلر إلى طرابلس في إطار مبادرة دعم لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج فيما تواصل هذه الحكومة تعزيز سلطتها في العاصمة. وقال كوبلر: إنه يشجع "كل الأطراف على التعاون لتسليم السلطة بشكل فوري وسلمي"، مضيفا أن "الأممالمتحدة مستعدة لتقديم كل الدعم اللازم للوصول إلى هذه الخاتمة". وهذه أول زيارة للمبعوث الأممي إلى العاصمة الليبية منذ أن منعته السلطات الموازية غير المعترف بها دوليا في المدينة من زيارتها في 23 مارس، قبيل دخول حكومة السراج المدعومة من الأممالمتحدة والمجتمع الدولي إلى طرابلس. وأكد الدبلوماسي الألماني أن زيارته هذه التي التقى خلالها أعضاء حكومة الوفاق الوطني جاءت "لإظهار دعم الأممالمتحدة والمجتمع الدولي لرئيس الوزراء السراج وأعضاء المجلس الرئاسي" في حكومة الوفاق. وذكر متحدث باسم البعثة الأممية أن كوبلر وفريقه وصلوا إلى طرابلس عن طريق مطار معيتيقة، وهو المطار الذي كانت السلطة غير المعترف بها في طرابلس قد علقت حركة الملاحة فيه أكثر من مرة في محاولة لمنع وصول حكومة السراج إليه. وقام كوبلر بجولة سيرا بصحبة مرافقيه في المدينة القديمة قرب ساحة الشهداء، حيث تبادل الأحاديث مع بعض رواد المقاهي، والتقط الصور معهم. سيطرة الحكومة ويرى الخبير في الشؤون الليبية في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماتييا توالدو، أن "زيارة كوبلر إلى طرابلس بعدما منعته حكومة الغويل في أكثر من مرة من الهبوط في مطارها ودخولها، تظهر مدى سيطرة حكومة الوفاق على طرابلس". ووصلت حكومة الوفاق الوطني إلى المدينة، الأربعاء الماضي، بحرا. وطلب منها مسؤولون في سلطات طرابلس غير المعترف بها على الأثر المغادرة، ملمحين إلى احتمال اعتقال رئيسها. لكن باستثناء بعض الأعيرة النارية وإقفال قناة تلفزيونية محلية بالقوة بعد ساعات على وصول المسؤولين الليبيين الجدد، لم تحصل حوادث أمنية. وبعد أقل من أسبوع على دخولها طرابلس، حظيت حكومة الوفاق الوطني بدعم سياسي واقتصادي كبيرين مع إعلان بلديات مدن في الغرب وفي الجنوب الولاء لها، ونيلها تأييد المؤسسات الحكومية المالية والاقتصادية الرئيسية، وهي المصرف المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط، والمؤسسة الليبية للاستثمار في طرابلس. افتتاح السفارات وإلى جانب الدعم المحلي السياسي والاقتصادي والأمني، تلقت حكومة السراج مزيدا من الدعم الخارجي مع إعلان سفارات دول عدة البحث في إعادة فتح سفاراتها في العاصمة. وأعلنت تونس، الإثنين، إعادة فتح سفارتها وقنصليتها في طرابلس، بعدما كانت أغلقتهما على التوالي في 2014 و2015 إثر خطف عدد من موظفيهما. في باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت، إثر محادثات مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الثلاثاء: "تلقينا بسعادة كبيرة قرار تونس إعادة فتح سفارتها في طرابلس". وأضاف: إن "مسألة (إعادة فتح) سفارتنا قيد البحث. نتمنى أن تستقر الأوضاع"، مشيرا إلى أن بلاده مستعدة أيضا "لمساعدة الحكومة الليبية في مسألة الحفاظ على أمنها إذا طلبت منا ذلك". وذكر كوبلر أن الأشخاص الذين التقاهم خلال تجوله في المدينة القديمة طلبوا "عودة السفارات والأممالمتحدة إلى طرابلس" بعد أكثر من سنة ونصف سنة من إغلاق أبوابها إثر المعارك التي شهدتها العاصمة بين الجماعات المسلحة فيها. محاربة داعش ويتطلع المجتمع الدولي إلى استقرار حكومة السراج بشكل كامل في طرابلس لمساندتها في مواجهة خطر تمدد تنظيم داعش في ليبيا ومكافحة الهجرة غير الشرعية من السواحل الليبية نحو أوروبا. وانبثقت حكومة السراج عن اتفاق سلام وقع في المغرب في ديسمبر، برعاية الأممالمتحدة من أعضاء في برلمان طرابلس وبرلمان طبرق (شرق) الذي يحظى بالاعتراف الدولي. لكن التوقيع حصل بصفة شخصية. وولدت الحكومة استنادا إلى بيان تأييد موقع من 100 نائب من بين 198 بعدما فشل البرلمان في عدة مناسبات في عقد جلسة للتصويت على منحها الثقة بسبب عدم اكتمال النصاب. وجدد كوبلر، الثلاثاء، دعوته البرلمان المعترف به في طبرق (شرق) إلى الالتئام "والموافقة على حكومة الوفاق الوطني"، مضيفا أن ليبيا "يجب أن تبقى موحدة وهي تسير على طريق السلام والأمن والازدهار".