اختلفت معايير القيم ولم يعد هناك مقياس حتى اصبحت الصفة لا تنطبق على الموصوف.. وما نقوله لا نعنيه فكان من السهل أن توزع الألقاب والمسميات لتكون حقا مشاعا يعطى لمن لا يستحق حتى لم يبق هناك حق لمن يستحق!! من الظواهر الطاغية في مناسبات الأفراح ما اتفقنا على تسميته (الشيلات) والتي كانت في بداياتها أصواتا بلا مؤثرات ثم تحولت إلى رقص على جميع النغمات تؤدى من كل الفئات.. وأبرز ما يميز تلك الشيلات أن الجميع يتحمسون لما يرددون ويتفاعلون مع ما يسمعون وكأنهم لا يعون ولا يعنون ما يقولون وكل ذلك حتى يكتمل سياق المدح الطاغي الذي يكون فيه كل شيء إلا الصدق!! حب البروز أصبح عند البعض مطلبا ليقال عنه ما ليس فيه وهو اول العارفين بذلك حيث ان بعضهم يسعى للمدح ليمجد بأفعال ليست من طبعه ولا تنطبق عليه ولا يعرف لها طريقا.. للاسف جعلنا من الحقيقة كل ما لا يكون حقا!! فلم يعد من المخجل أن يكون بيننا أدعياء للعلم يحرصون كثيرا وبشهادات وهمية على أن تسبق أسماؤهم بحرف (د) الذي قد يعني صفات كثيرة إلا المعرفة وكل ذلك لمجرد المباهاة الزائفة.. حتى ان صفة (شيخ) التي تطلق على من يستحقها من العلماء الأفاضل هي ما يقال من البعض لكل من يتشكل بالمظهر ولا يفقه في الجوهر لدين الرحمة ليكون منه الجفاء والغلظة.. ومما يشغل الجهات المعنية كثرة المشاكل والمطالبات بما يخص (المشيخة) حتى ان صغار القبيلة ممن يدعون احقيتهم بذلك أكثر من غيرهم ليكون الكرم لمن يباهي بالاسراف والتبذير، والرأي من نصيب الاهوج المتسرع، والحكمة لمن لا يحكم العقل، والصادق من يحلف بالطلاق.. ويبقى كل ما يكون مجردا من حقيقته ومع الايام تكون ثقافة المجتمع هي استمراء لكل ما يجعلنا نقف في مكاننا!