كشف المهندس الفلسطيني والمختص في شؤون الاستيطان، عبدالهادي حنتش، النقاب ل"اليوم" عن أسلوب جديد يتبعه قطعان المستوطنين الإسرائيليين، في مصادرة أراضي الفلسطينيين لصالح التوسع الاستيطاني في مدن الضفة الغربية، مسمياً هذا الأسلوب بالاستيطان "الهادئ"، مؤكداً أنه الأخطر في تاريخ العمليات الاستيطانية منذ احتلال الأراضي الفلسطينية. وذكر حنتش أن الاستيطان "الهادئ" يُجرى دون الإعلان عنه بشكل رسمي من قبل الحكومة الإسرائيلية، وغالباً ما يقوده مستوطنون متطرفون وأشخاص أصحاب سلطة في الحكومة اليمينية المتطرفة، موضحاً أن الاستيطان "الهادئ" لا يتحدث عنه أحد مطلقا، ولا تذكره وسائل الإعلام الإسرائيلية، مبنياً أن الاستيطان المعلن من قبل الحكومة الإسرائيلية اتسع بشكل ملحوظ منذ بداية العام الحالي. وأوضح جنتش أن الاستيطان "الهادئ" يتمركز داخل وحول كل المستوطنات الإسرائيلية الكبيرة بالضفة الغربية، قائلاً: "هذا الاستيطان في بداياته لا تعترف فيه الحكومة الإسرائيلية ظاهرياً، وتغض الطرف عنه أثناء البناء فيه، وتجعله بؤرا ووحدات استيطانية". ويتابع: "بعدما تصبح تلك البؤر جاهزة تبدأ الحكومة بالاعتراف فيها وتمنحها كافة الخدمات وتضمها للمستوطنات لإرضاء المستوطنين"، مشيراً إلى أن هذه الطريقة في الاستيطان تعد من الناحية العملية تشجيعا للمستوطنين للتمادي في مصادرة الأراضي الفلسطينية. وأكد أن حجم الاستيطان منذ بداية العام الحالي اتسع مقارنة بالسنوات الماضية، قائلاً: "كنا نقول إن العام الماضي هو الأكثر استيطاناً، ولكن اليوم نؤكد أن 2016 شهد ارتفاعا في نسبة الاستيطان، بكل مدن الضفة الغربية عموماً ومحافظة الخليل خصوصاً، والتي تعيش جريمة حقيقية نتيجة الاستيطان". وبين حنتش أن الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع ملف الاستيطان بمنهجية عقائدية دينية، ويصادر مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية انطلاقاً من تلك المنهجية، المبنية على مقولة: "إن الأراضي المصادرة أراضي إسرائيل ويحق للمستوطنين السكن فيها". ولفت إلى أن سلطات الاحتلال لا تعطي أي اهتمام للقرارات الدولية المتعلقة بالاستيطان، ولا تولي أي أهمية للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، قائلاً: "الاحتلال يتلقى دعماً كاملاً من الولاياتالمتحدةالأمريكية، في المؤسسات الدولية ومجلس الأمن بشأن الاستمرار في الاستيطان خاصة، وفي الانتهاكات ضد الفلسطينيين عامة". وأوضح أنه كباحث ومختص في شؤون الاستيطان يؤكد أن الاستيطان أنهى أي إمكانية لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال: "من يعتقد أن إسرائيل تريد السلام واهم، ولا يفهم العقلية الإسرائيلية، وأن أي مفاوضات سلام مستقبلية ما هي إلا مضيعة للوقت"، مضيفاً: "إسرائيل تستغل الوقت لفرض مزيد من الوقائع على الأرض، وبحكم المتابعة اليومية على الأرض، هناك تغيرات كبيرة أجرتها إسرائيل غيرت بموجبها الحقائق". وفي ذات السياق، ذكر تقرير الاستيطان الأسبوعي، الذي يصدره المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، أن الحكومة الإسرائيلية صعدت منذ مطلع العام حربها العدوانية ضد الفلسطينيين عبر توسيع سياسة الاستيطان وهدم منازل المواطنين الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم. وكشف التقرير الذي حصلت "اليوم" على نسخة منه أنه منذ مطلع العام الحالي ارتفعت جرائم هدم المساكن لصالح الاستيطان بنسبة تزيد على 230% مقارنة مع العام الماضي. وأكد التقرير أن إسرائيل تضرب بعرض الحائط جميع المواثيق والقرارات الدولية التي تحرم على الدولة القائمة بالاحتلال العقوبات الجماعية ونقل مواطنيها إلى الأراضي الخاضعة للاحتلال. واعتبر أن الاستيطان جريمة حرب. وفي الأسبوع الماضي، صادق ما يسمى "المجلس القطري الإسرائيلي للتنظيم والبناء"، على المخطط الاستيطاني الخطير لجمعية "العاد" الاستيطانية المعروف باسم "مجمع كيدم"، والمنوي إقامته على مدخل حي وادي حلوة ببلدة سلوان، مقابل المسجد الأقصى المبارك. ويهدف "مجمع كيدم" لإقامة مبنى سياحي من 5 طوابق (9 آلاف متر مربع) يستخدمه علماء دائرة الآثار الإسرائيلية، إضافة لقاعات مؤتمرات وغرف تعليمية، ومواقف لسيارات السياح والمستوطنين، إضافة لاستخدامات سياحية، ومحلات تجارية، ومكاتب خاصة لجمعية العاد. ويعد هذا المخطط الاستيطاني الخطير مقدمة لتنفيذ العديد من المخططات الاستيطانية الأخرى، التي تستهدف هذا الحي ومحيط المسجد الأقصى المبارك، واستكمال عملية التطهير العرقي التي تتعرض لها مدينة القدس، لتفريغها من سكانها الأصليين وإغراقها بالمستوطنين.