أوصى سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، بتقوى الله عز وجل، والوفاء بالحقوق والعهود التي أمر الله بها قال تعالى ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا )، وقال ( وافوا بعهد الله إذا عاهدتم ) . وأبان سماحته في خطبة الجمعة بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، أن للوفاء بالعهد فوائد عظيمة ومزايا كثيرة، وهو من صفات الرب جل وعلا حيث قال ( ومن أوفى بعهده من الله ) ، وقال سبحانه ( أوفوا بعهدي أوفي بعهدكم )، كما أنه من أخلاق الأنبياء عليهم السلام، قال الله تعالى عن إبراهيم الخليل ( وإبراهيم الذي وفى)، أي وفى ما أمر الله به من الكلمات التي أمره الله بإبلاغها فأبلغها، ويقول الله عن إسماعيل عليه السلام ( وأذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً) . وقال فضيلته كان الوفاء بعهد الله تعالى من أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم، يقول ابن عباس أخبرني أبو سفيان فقال، بما يأمر به محمد صلى الله عليه وسلم قال يأمرنا بالصلاة والصدق والوفاء وأداء الأمانة، قال تلك أخلاق الأنبياء، وهو من أخلاق المتقين ، قال تعالى ( والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون)، وقال تعالى :( إنما يتذكر أولوا الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق). وأشار إلى أن من فضل هذا الوفاء أنه من أسباب دخول الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم "اضمنوا لي ست أضمن لكم الجنة، اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا اؤتمنتم واحفظوا فروجكم و غضوا أبصاركم وكفوا أيديكم "، مؤكدا أن الوفاء عام للمسلم في شؤون حياته كلها سواء في علاقته مع ربه أو علاقته مع نفسه ومع أهله وجيرانه ومع مجتمعه المسلم على اختلاف طبقاتهم، فأول الوفاء أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين، قال الله تعالى :( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لاتعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن أعبدوني هذا صراط مستقيم )، ويجب الوفاء بعبادة الله وحده لا شريك له ، قال تعالى ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ). وأوضح فضيلة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ أن من الوفاء وفاء للحرف والصناعات بما ينسجون ويصنعون، يقول صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب العبد إذا عمل عملاً أن يتقنه "، وأن على أرباب الصناعات والحرف التحلي بالصدق والوفاء وعدم الغش والخديعة، منوها بأهمية إعطاء العمل حقه والعمال حقهم وافياً كاملاً من غير نقص، لقوله صلى الله عليه وسلم " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه "، وقال صلى الله عليه وسلم " قال الله : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ". وأضاف فضيلته أن من الوفاء الوفاء بالشروط في الإجارات والعقود ، قال الله جل وعلا ( يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود)، كذلك وفاء الأبناء والبنات لحقوق الآباء والأمهات، فللأبوين حق عظيم وفضل كبير فهما السبب في وجودك بعد الله ولا أحد أعظم إحسان إليك بعد إحسان الله إلا الأبوين، لذلك يجب الوفاء ببرهما والإحسان إليهما وخدمتهما وطاعتهما بالمعروف والإنفاق عليهما، يقول الله جل وعلا ( فلا تقل لهما أف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً). وبين سماحته أن من الوفاء وفاء الرعية لراعيهم بالسمع والطاعة له بالمعروف وعدم الخروج عليه واعتبار صحة بيعته وان بيعته بيعة إسلامية شرعية، ويجب الوفاء بها ويحرم خداعه والخروج عليه ، فإن ولي الأمر له على رعيته حق أن يشدوا عضده وأن يقووا إزره ويقفوا معه في الشدائد وأن لايجب التنكر عليه والخروج عليه ولا القدح فيه ولا المساومة، بل يجب الصبر والتقوى والتعاون والتناصح ، فان لولي أمرنا واجب علينا ، فمحبته والتزام كلمته واجب على رعيته ، ومن حق الرعية عليه أن يسعى في مصالحهم العامة والخاصة و أن يجد في ذلك و أن يؤمن مصالحهم و أرزاقهم والسعي فيما يصلح لهم من علاج و تربية وتعليم وسكن وغير ذلك يسعى جهده بتولية من يجد فيه الكفاءة والخير و إلغاء من يرى في توليه الشر والفساد فهو يرعاهم كما يرعى أبناءه كلهم لان الله جل وعلا سائله يوم القيامة ، قال صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". وأشار إلى أن من الأمانات ومن فضائل الوفاء ومجالاته الوفاء من أصحاب الرتب العالية ومناصب الدولة فيجب عليهم أن يتقوا الله في أنفسهم وان يؤدوا أعمالهم بأمانة وإخلاص وصدق والتزام بذلك طاعة لله فهم اقسموا على أن يكونوا صادقين فيما يتولوا فيجب أن يطبقوا ذلك في ارض الواقع وان يكونوا مؤدين للأمانة إلى أهلها ، قال تعالى :((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها))، مؤكدا أهمية الوفاء بتنفيذ المشاريع العامة للدولة ، والمشاريع العامة التي ترتبط بمصير الأمة، وأن على المسؤولين عليها تنفيذها بإخلاص وصدق ووفاء لاكذب فيه ولاغش ولاخداع ، وتنفيذها بكامل مواصفاتها أداء للأمانة وليعلموا أن الله سائلهم عن ما أخذوا من ذلك فان أدوا هذه المشاريع بصدق وإخلاص كانوا من المؤتمنين وان خان كان من الخائنين، قال تعالى " يا أيها الذين أمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ".