تواصل إسرائيل احتجاز جثمان 13 شهيدا مقدسيا، قتلهم جيشها خلال المواجهات التي جرت ضده منذ اندلاع انتفاضة القدس مطلع أكتوبر الماضي، احتجاجا على سياسته العنصرية تجاه الفلسطينيين، وخاصة سكان مدينة القدسالمحتلة التي تشهد تسارعا في عمليات الاستيطان والتهويد والحفريات تحت المسجد الأقصى المبارك. ووصف عصام عوري مدير مركز القدس للمساعدة القانونية استمرار إسرائيل احتجاز جثامين شهداء القدس بأنه غير قانوني ولا مبرر له، قائلاً ل"اليوم": إن "هذا الاحتجاز يأتي في سياق فرض العقوبات الجماعية ذات الطابع الانتقامي من الفلسطينيين"، مؤكداً أن الاحتجاز جزء من حالة التصعيد الإسرائيلية التي تكتسب طابعا عنصريا لا يقر بإنسانية الشعب الفلسطيني. وأوضح أن سلطات الاحتلال تعمل بجهود لتكريس وتعزيز فكرة التفرقة بين سكان القدسوالضفة الغربية، خاصة وأن الجيش سلم كافة جثامين شهداء الضفة، وأبقى جثامين شهداء القدس محتجزين لديه، مبيناً أن ذاك التكريس هدفه الأول سياسي، ومفاده بأن الوعي الفلسطيني يجب أن يدرك أن القدس منطقة خاضعة للسيادة الإسرائيلية، وتطبق فيها إجراءات وقوانين مخالفة لما يجري تطبيقه إسرائيلياً من قوانين في مدن الضفة. وأشار إلى أن سياسة التفرقة يعززها الإعلام الإسرائيلي من خلال تزوير الواقع، والحديث عن أن المواطنين المقدسيين راضون عن السياسيات الإسرائيلية بالقدسالمحتلة، كمدينة موحدة تحت السيطرة الإسرائيلية. وقال: "إسرائيل تعتبر نفسها المسؤولة عن الفلسطيني حامل الهوية المقدسية، وليس السلطة الوطنية الفلسطينية". وأوضح عوري أن احتجاز الجثامين يشكل عقاباً لعائلات الشهيد من الناحية النفسية. واحتجزت إسرائيل منذ السابع عشر من أكتوبر الماضي 77 جثماناً، أفرجت عن 66 منهم وجميعهم من مدن الضفة الغربية، وأبقت على 11 جثمانا لشهداء مقدسيين. ووضعت إسرائيل عدة شروط مسبقة لتسليم جثامين شهداء الضفة، أبرزها تحديد عدد مشيعي الجثامين، وتوقيع تعهد بأن يجري دفن الشهداء مباشرة، إضافة لتوقيع كفالات مالية تدفع في حال جرى التظاهر ضد الاحتلال خلال عملية الدفن والتشييع، أما فيما يتعلق بشروط تسليم جثامين شهداء القدس فلم يوضحها الاحتلال، لكنها تشمل الشروط السابقة إضافة لأخرى لما يعلن عنها. وأكد مدير مركز القدس للمساعدة القانونية أن إجراءاتهم القانونية مستمرة لضمان تأمين الإفراج عن الجثامين، لكن الإسرائيليين يراوغون ويقولون مرة إنهم لن يستمروا في الاحتجاز لعدم وجود قرار رسمي بذلك، ومرة أخرى يضعون شروطا غير قابلة للتنفيذ من أجل تسليم الجثامين، متهماً المجتمع الدولي بالتقصير تجاه ممارسة ضغوطات حقيقية على إسرائيل لإلزامها بعدم اختراق القوانين الإنسانية الدولية. وكانت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان قدمت الخميس الماضي التماساً للمحكمة الإسرائيلية العليا، للمطالبة بإلزام شرطة الاحتلال والنيابة العامة بتحديد موعد لتسليم جثامين الشهداء المقدسيين المحتجزين. وجاء الالتماس بعد أشهر من مماطلة الشرطة والمخابرات في تسليم الجثامين، رغم وجود قرار بتسليمهم. وحصلت الحملة الوطنية لتسليم جثامين الشهداء على تعهد في وقت سابق من الجيش الإسرائيلي بعدم احتجاز جثامين الشهداء. وأوصى جهاز الشاباك الإسرائيلي بضرورة الإفراج عن تلك الجثامين. وتحتجز إسرائيل 268 جثماناً في مقابر الأرقام منذ سنوات، غير جثامين ال 11 مقدسيا. ومقابر الأرقام، هي عبارة عن اسم رمزي لمجموعة كبيرة من المقابر السرية التي أنشأتها إسرائيل من أجل أسر جثامين الفلسطينيين بعد استشهادهم. وسميت مقابر الأرقام بهذا الاسم؛ لأن كل قبر منها يحتوي على رقم خاص به لا يتكرر مع آخر، وكل رقم من هذه الأرقام دال على جثمان معين، ويرتبط رقم قبره بملف عن المدفون وحياته مع السلطات الإسرائيلية.