عندما كان باب المنزل يطرق (أيام الطفولة) من قبل أقراننا الأولاد في الحارة أو زملاء الصف والمدرسة، لتمضية بعض الوقت معنا في اللعب أو الاستذكار وإتمام الواجبات المدرسية أو حتى مرافقتهم إلى القرطاسية أو متجر المواد الغذائية بالحي لفترة زمنية وجيزة، كان إذن الموافقة مرتبطا بمعرفة هوية الطارق.. "إنه صديقي يا أبي فلان الفلاني". "صديقي" مع العلم أننا لم ندرك تماماً المعنى الحقيقي لهذه المفردة بسبب غضاضة أعمارنا، لكن للكلمة سحر وثقل معنوي لما تحويه من معان سامية ووقع عميق في قلب ناطقها وسامعها. كما أن حروفها الخمسة تختزل خمسة خصال عظيمة: (الوفاء، الأمانة، التقدير، المحبة، الأخوة)، فاحرص على اختيار الصديق الصالح؛ فهو السند في وقت الشدائد، والناصح الأمين عند المحن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا) أو كما جاء في الحديث، هذه إشارة من سيد الخلق على مكانة الصديق والرفيق الصالح في هذه الدنيا، فهو مرشد على فعل الخير ومعين على الاستقامة والصلاح. وبما أن الإنسان بطبيعته اجتماعي، يصعب على أي شخص مهما كانت مكانته الاجتماعية ومستوى دخله، العيش في هذه الدنيا دون صحبة أو أصدقاء، ومن رغب العيش منفرداً، فهو الوحيد الذي يرغب أن تكون أجمل ذكرياته وأقسى أوقات أحزانه داخل اطار ذاكرته الشخصية فقط. وتذكر دائماً... لا يوجد شخص كامل في هذه الدنيا، كن أكثر مرونة واستوعب من حولك، اربح أصدقاءك ولا تخسر حتى من لا يرغب بصحبتك. ان حياة الإنسان قصيرة وإن طالت، عاجلا أم آجلا لا بد ليوم الفراق أن يأتي، سواء بإرادتك ورغبتك أم قدرك الذي كتبه الله لك. وهذه سنة الحياة، وإلى أن يأتي ذلك اليوم عبِّر وشارك أفراح وأحزان أصدقائك وأخبرهم بأن صحبتهم لها الأثر الجميل في حياتك. ومن ناحيتك لا تنس أن تتفقد أحوال أبناء أصدقائك بعد رحيلهم بين الفينة والأخرى، اسأل عنهم وساندهم معنويا وادعمهم مالياً، إن كانوا في حاجة، اذكر محاسن ومناقب آبائهم وذكرياتك الجميلة معهم. احرص على فعل الأعمال التي تزيد من حسناتهم وترفع درجاتهم وهم في قبورهم كالصدقة، أداء العمرة، الوقف الخيري والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة.