لم يكن يوما الأربعاء والخميس الماضيان يومين عاديين لدى المواطن السعودي ومواطني مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولدى المخلصين من أبناء الأمتين العربية والإسلامية، يوم رعد الشمال الذي استنهضت فيه الأمة عزتها وشموخها بقيادة ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي حشد الحشود، وأطلق المارد، ليرى ويسمع العالم أن زمن الانكسار والاستنكار والشجب العربي قد ولى، وأتى زمن اقتران القول بالفعل، هو يوم تفخر فيه الأمة، ويفخر قادتها بما تحقق من نجاح، فبصدق النية، وقوة العزيمة تحقق ولله الحمد هذا التحالف الميمون، والذي لم يفرح به حتماً من يضمر لأمتنا العداء، وهم في هذا اليوم كحال الشيطان في يوم عرفة عند اجتماع المسلمين في موقف واحد مهيب حتى لم ير الشيطان أحقر ولا أصغر منه في هذا اليوم، وهم كذلك في يوم رعد الشمال، لقد كان يوم العرض العسكري لتمرين قوات رعد الشمال العربية والإسلامية الذي حضره قادة دول التحالف العربي والإسلامي يوماً مشهوداً في تاريخ الأمة، يذكرنا بتحالف القبائل العربية في يوم ذي قار ضد الفرس، الذي فرح به نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث قال : «هذا يوم انتصف فيه العرب من العجم، وبي نصروا»، كما استحضر المؤرخون مكان تجمع قوات رعد الشمال، وهو المكان الذي جمع فيه خالد بن الوليد قوات المسلمين في موقعة ذات السلاسل بتوجيه من الخليفة أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- ضد الفرس أيضاً. لقد أبرز تمرين رعد الشمال قدرة القوات المتحالفة على تحقيق التنسيق فيما بينها على أرض وجو وبحر الميدان الافتراضي للمعركة، رغم اختلاف المدارس العسكرية التي تنتمي إليها تلك القوات عسكرياً في نظرياتها وعتادها العسكري، ويصف المحللون أن مناورات رعد الشمال تعد أكبر مناورات في تاريخ الشرق الأوسط، وأنها تستهدف الحفاظ على أمن دول التحالف العربي والإسلامي المشاركة ضد التدخلات التي تسعى لزعزعة أمنها واستقرارها. إضافة إلى تعزيز التعاون العسكري بينها، وتطوير كفاءة قواتها العسكرية، وتبادل الخبرات القتالية بينها، وتطوير قدراتها القتالية. ومن بشائر رعد الشمال إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب الجزء الأهم والأكبر من قواته في سوريا، وانسحاب الجماعات الإرهابية التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني، وحزب حسن نصر الله، وتقهقر داعش، وهذا دليل على أن مناورات الشمال بدأت تحقق أهدافها بمشيئة الله. وفي ظل النجاح التي حققه التحالف العسكري في رعد الشمال، وهو الجانب الأصعب في تحالفات الدول، فإن تحقيق التعاون والتكامل الاقتصادي، وكذلك التحالف الإعلامي والثقافي، لا يقل شأناً عن التحالف العسكري، بل انه يعطي قوة أكبر للتحالف العسكري، ويضمن قوته واستمراره. من أقوال خادم الحرمين الشريفين في ختام تمرين رعد الشمال: «فخورون هذا اليوم بتضامننا في رعد الشمال، وأن يشاهد العالم عزمنا جميعاً على ردع قوى الشر والتطرف، ومحاربة الإرهاب». ونحن فخورون بك يا خادم الحرمين الشريفين، فلقد أعدت للأمة هيبتها، وعزتها، وأصبح الأعداء اليوم يحسبون لنا ألف حساب، أكثر من أي وقت مضى.