أحد التطورات الواعدة والأكثر إثارة في تاريخ العلوم الطبية ربما ستتجاوز الولاياتالمتحدة إن فشل الكونجرس في التصرف. حيث يحتاج لرفع الحظر المفروض على الإنفاق الفيدرالي المتعلق بالبحوث التي تشمل الأجنة البشرية. الحكومات الأخرى تستجيب منذ الآن للتقدم الذي يتم إحرازه في مجال التكنولوجيا الوراثية. منحت المملكة المتحدة الباحثين الإذن باستخدام تقنية جديدة بارعة لقطع الجينات تسمى (كريسبر-كاس9) لتفحص كيفية تطور الأجنة البشرية. وقد استخدم العلماء الصينيون الأداة نفسها ليروا إن كان من الممكن، في الأجنة البشرية، إصلاح الجينات المسؤولة عن البيتا-تلاسيميا، وهو أحد اضطرابات الدم التي تؤدي إلى الوفاة. (حتى الآن، ليس ممكنا). في الولاياتالمتحدة، يكون مثل هذه الدراسات مسموحا بها - لكن فقط إن كانت ممولة من القطاع الخاص. ليس فقط أن هنالك الحظر الذي يفرضه الكونجرس، بل رفضت معاهد الصحة الوطنية تمويل البحوث التي تستخدم تكنولوجيات تعديل الجينات على الأجنة البشرية. هذا الحظر، المؤسف في حد ذاته، يشكل مشكلة أكبر: عندما تتطور التقنيات الوراثية إلى الحد الذي يمكن أن يتم استخدامها فيه سريريا - بمعنى، منع المرض في الأجنة البشرية والذي يتطور ليصل المواليد الجدد - لن تكون إدارة الغذاء والدواء قادرة على ترخيصها. وهذا يمنح الكونجرس حتى سببا مقنعا أكثر لتغيير المسار. وقد أشارت منظمة الغذاء والدواء إلى هذه المشكلة: وأوصى فريق الخبراء الخاص بها بأن يسمح لعلماء الطب مواصلة "العلاج البديل الميتوكندري"، أو إم آر تي. ويعد هذا تقنية وراثية تجريبية لديها القدرة على منع الأمراض الموهنة، وأحيانا الأمراض المميتة القاتلة التي تصيب ما يسمى بالأجنة ذات الأصول ال3 (حيث إنها تقايض الحمض النووي الخاص الميتوكندري المعيب لدى الجنين بحمض نووي سليم من المتبرع السليم). لكن لكي تنتقل مثل هذه التكنولوجيا إلى خارج المختبرات ولتدخل عالم الممارسة الفعلية، قد يلزم إدارة الغذاء والدواء منحها التراخيص، كما لو أنها عقار جديد أو جهاز طبي. لكن الوكالة قالت إن الكونجرس يمنعها من "استخدام الاموال لمراجعة التطبيقات والتي يجري فيها إيجاد جنين بشري أو تعديله ليحصل على تعديل وراثي موروث". وهذا تماما ما يفعله (العلاج البديل الميتوكندري): حيث إنه يقوم بتعديل الجنين البشري بطريقة موروثة. وعلى نفس المنوال، ذلك النوع من التعديل البشري للحمض النووي والذي من المتوقع أن يوجده كريسبر - لتعديل الجينات المسؤولة عن الأمراض مثل تاي-ساكس، ومرض هانتنغتون والأنيميا المنجلية - يفترض أن ينتج عنه تغييرات موروثة. لذلك، من الممكن تصور مستقبل يكون فيه أسلحة طبية قوية يمكن أن تكون محظورة في الولاياتالمتحدة. من الصحيح أن تلك التطورات تثير مخاوف اجتماعية وأخلاقية. في حالة العلاج البديل الميتوكندري، سيكون للنسل جينات من 3 أشخاص - جينات نووية من الوالدين الرئيسيين وجينات ميتوكندرية من أم أخرى منفصلة. والتغييرات التي قد يحدثها هذا الشيء، مهما كانت مفيدة، قد تكون لا رجعة عنها. مع ذلك، فإن الأسلوب للتعامل مع هذه المخاوف لا يكمن في حظر هذه الممارسات. وإنما الهدف هو تنظيم ومراقبة العملية بعناية وحذر، وإبقاء جميع المشاركين فيها على علم كاف بما يحدث. هذه هي الاستراتيجية التي توصي بها هيئة الغذاء والدواء ويتم اتباعها في المملكة المتحدة، حيث سمح البرلمان البريطاني للباحثين بإجراء الأبحاث على العلاج البديل الميتوكندري. بعبارة أخرى، ينبغي أن يواصل العلماء عملهم بحذر، لكن عليهم مواصلة العمل. لأن البديل سيكون تجاهل فرص مذهلة قادرة على التخفيف من معاناة البشر.