تغير لون الشمس تغير لون الهمس وأضحى الليل رمادا بعثره الحزن الأبدي على درب نبشته الأوهام فما عاد له عنوان .. يذكره العشاق .. وماعاد له نجم .. يهدي من ضل اليه أجبني يا ولدي .. هل غيبك الموت فأسدلت على صوتك لونا عبثت كل الألوان به .. فراح يعربد في القرية يمحو بعض ملامحها .. ويزمجر حينا .. في وجه الريح فتنصت كل الأنهار اليه ؟ أجبني .. هل غالبك العشق فحطمت سهام العشاق ورحت تعانق صمت الليل وصمت الأشجار .. وتهزأ حين أموت على قبرك يوما ؟ تهزأ مني .. من وهج دعائي حين أراك تغني .. في زمن الموت .. بصوت لا يسمعه السمار ولا الأطيار .. ولا الحزن القابع في لون الصحراء ؟ أيقظتك من حلمك دعني الآن .. أفتش في رأسك عن حلم آخر .. لا تقوى الأمواج الثكلى بجراح الأمس .. على طمس .. معالمه الأولى دعني أبحث في رأسك عن أسرار بحت بها بعد تنائيك لكل الخلق فما عاد الصبر خيالا يسبق ظلي .. أو يسبق صوتي ما أضيق سعة الأصداء حين يخالجها .. هذا الصوت القادم من كل الأنحاء .. ويسمو فوق عوالمها يصحو من غفوة كل الأحلام ويمحو في هدأة هذا الليل بريق سرائرها .. يسرق شيئا من رقدتها فتفيق على وقع الموت يداعب بعض هزائمها يلهو كالطفل .. بفيض مدامعها .. ويحطم قيد الصمت على مقبرة الأحياء أنلني يا ولدي .. رغم ضجيج الحزن وسطوته في قريتنا أذنا صاغية تجهل مثل ألوف الآذان حديث النهر لأمواج تتلاطم فوق رفيف الريح تزمجر أحيانا .. فيهب الغضب الناطق من كل طريق في القرية يرسم لون الكلمات الحبلى بالعشق الأول والآخر .. بأنين الصبح .. بصوت الليل .. بمعزوفة مقهور لا يبكي إلا حين يغني الطير .. لأعذب جرح ينزف .. فوق جراح المحرومين من الموت الأزلي .. أفق يا ولدي .. من حلم مازال يدغدغ كل الأحلام بسيرته .. ويعربد في أذهان الموتى بالصوت الغجري النابض من عرق الأوهام .. أفق يا ولدي .. قبل حلول الفجر الآتي فالأيام هنا يرسمها الحزن بألوان لالون لها .. فاصنع من صمتك أصواتا تعبر كل الجدران .. وترقص في الفرح النائم تحت جناح الصبر .. ودع قيدك يكبر .. فوق معاصم .. لا تعرف يا ولدي أنك مازلت تغني لجراح تنزف بالأحزان ومااندملت بعد.