قبل نحو ثلاثة أعوام، طرأ في بال معاذ ومعتز وعبدالله المديهش، وهم أبناء عمومة، أن يدخلوا سوق العمل، لكنهم لم يختاروا أن يلتحقوا بوظيفة في إحدى المنشآت الحكومية أو الخاصة، وإنما عبر بيع وشراء أجهزة الجوال. لم يكن لديهم رأس مال يكفي لافتتاح متجر لهم، فما يملكونه لا يكاد يتجاوز خمسة آلاف ريال، لكنهم توجهوا إلى استخراج سجل تجاري لمؤسسة فردية، ومن ثم توجهوا إلى سوق الاتصالات في حي المرسلات بالرياض ليستأجروا طاولة في أحد المحلات هناك، وبدأوا ببيع أجهزة الجوال الجديدة والمستعملة، يعتمدون في ذلك على البيع المباشر، حيث يأخذون الأجهزة من محال بيع الأجهزة بالجملة بحسب طلب العميل، إلى جانب بيعهم لبعض مستلزمات الأجهزة واكسسواراتها، وشيئا فشيئا، وأمام إصرارهم وطموحهم، تمكنوا من كسب ثقة الكثير من العملاء، الذين أصبحوا يتوجهون إليهم مباشرة في حال رغبوا في شراء أجهزة أو اكسسوارات الجوال، الأمر الذي بدوره أسهم في زيادة رأس مالهم، حتى تمكنوا من استبدال طاولة بيع الأجهزة بالتجزئة إلى كشك يبيعون فيه أجهزة الجوال بالجملة، ولم يتوقف طموحهم عند هذا الحد، فبعد مدة ليست بالقصيرة، تمكن معاذ وابن عمه عبدالله من استئجار محل كامل، يحتوي على 12 طاولة لبيع التجزئة، بينما هم يعملون فيه في كشك مستقل لبيع الأجهزة بالجملة. يقول معاذ: "حينما بدأنا مشروعنا أنا وابن عمي، لم يكن لدينا سوى خمسة آلاف ريال، وبدأنا في مشروعنا ومشوار مستقبلنا، وحرصنا على عدم التهاون والتنازل عن هدفنا، وتغلبنا على جميع الصعوبات التي واجهتنا، ولله الحمد تمكنا أخيرا من استئجار محل كامل بعد أن كنا في بدايتنا جزءا من أحد المحال". ويضيف معاذ: "سوق الاتصالات يعتبر من أكبر الأسواق والقطاعات من حيث حركة البيع والشراء المستمرة فيه، ولن أذيع سرا إن قلت إن العوائد المادية فيه كانت كبيرة في السابق، خاصة من بيع أجهزة الجوال، لكن في الآونة الأخيرة لم تعد تلك العوائد بنفس حجمها، بسبب تنوع وتعدد الأجهزة بشكل متسارع، إلى جانب دخول العنصر الأجنبي الذي يحاول جذب الزبائن بهامش ربحي قليل، وأكثر من أضر بالسوق هم الباعة المتجولون، الذين يتصيدون الزبائن في الشارع، ويقومون ببيع وشراء الأجهزة، وتوجيههم إلى محال الصيانة إن رغبوا في ذلك، مقابل نسبة يتم الاتفاق عليها مع تلك المحال. وفي نفس الوقت، فإن الصيانة وإكسسوارات الأجهزة لا تزال تحقق الربح الأكبر، خاصة وأنه من الصعب أن يستبدل جميع العملاء أجهزتهم بشكل متتال، وبالتالي فإنهم يتجهون إلى صيانة أجهزتهم، في حين أن الإكسسوارات تعتبر أمرا متغيرا باستمرار، لذلك فهي تحافظ على استمرارية العرض والطلب عليها. وأشار معاذ إلى أن عدد المواطنين الذين يتواجدون في سوق الاتصالات يعتبر متفاوتا من فترة لأخرى، فهناك البعض دخل السوق لكنه لم يمكث فيه طويلا؛ إما لأنه لم يعرف أسراره أو أنه لا يستطيع أن يعطي وقته كاملا لمشروعه، خاصة وأن أبرز الصعوبات التي يواجهها المواطنون في هذا المجال هي أوقات الدوام، لأنه يتوجب عليك التواجد في الصباح والمساء، وبالتالي فإن الكثيرين يعانون جراء ذلك.