هو شاعر وروائي ومثقف سعودي، صدرت له عدة دواوين شعرية منها : "وشم علي وجه القمر"، "لؤلؤة فوق سطح البحر"، "درر بزخات المطر"، ورواية "غواية". كتب في عدة مجلات ثقافية.. وشارك في العديد من الملتقيات. انه الشاعر صالح السويد الذي التقي به "الجسر الثقافي" في القاهرة عبر هذا الحوار: الحضور الشعري ما موقع الشعر السعودي على خارطة المحافل الأدبية؟ وهل مازال الشعر محتفظا بحضوره؟ * الحقيقة، أن الشعر السعودي يتطور دائما، حيث أصبح عشرات الشعراء السعوديين قادرين على إثبات وجودهم في جميع المحافل العربية، وهناك إقبال على شراء دواوين الشعراء السعوديين في جميع معارض الدول للكتاب سواء في منطقة الخليج أو في خارجها. والشعر بالتأكيد مازال حاضرا وبقوة، لكننا في حاجة إلى شعر يغادر منطقة العواطف والانفعالات، ويبحر نحو آفاق أرحب ويتجه نحو العقل والموضوعية ونقد الذات. ترجمة الإبداع تطالعنا كل يوم مسألة الرواية الغربية المترجمة الأكثر مبيعا في الوطن العربي، في المقابل هل الترجمة لها دور في نشر الرواية العربية في الغرب؟ * الترجمة لها دور كبير في الارتقاء بمستوى الرواية العربية، والروائي الغربي يتمتع بهامش حرية أعلى كثيرا من هامش الحرية المتاح للروائي العربي. كما أن الناشر العربي لا يمتلك الأموال اللازمة لترجمة الأعمال الرصينة التي تستحق ذلك، خاصة أنها لا تمتلك سوقا للتوزيع في الغرب نظرا لاختلاف ثقافة الغرب عن ثقافة الدول العربية، لكن بعض الأعمال المترجمة تلقى رواجا في دول أوروبا الشرقية بالذات، لأنها بلاد قريبة منا إلى حد ما. الشعراء الشباب كيف تنظر إلى تجربة الشعراء الشباب؟ * الشعراء الشباب هم استمرار لمن سبقهم من الشعراء، إنهم حلقات مترابطة من الإبداع، وليس بالضرورة أن تكون الأجيال الشعرية متصادمة، فالتصادم يؤدي إلى التمزق والتشرذم، أما قضية التنوع فهذا شيء مطلوب، والشعر الحقيقي يفرض نفسه بغض النظر عن الصيغة التي أتي بها، وليس من الضروري ايجاد معارك مع الشعراء الكبار، فالشباب لهم تطلعاتهم، لكنها في الإطار العام، حيث لا يخرجون عن سياق القصيدة. التجريب الشعري بعد احتفاء الشعراء والنقاد العرب بقصيدة النثر وظهور دواوين ومؤلفات نقدية عن هذه الظاهرة، كيف تنظر إلى هذه القصيدة؟ وماذا تقول لشعرائها العرب؟ * الشعر العربي لا يرفض التطوير، بدليل أن العرب عندما دخلوا الاندلس ووجدوا الموشح أكسبوه ثوبا عربيا، فتعايش الموشح مع الشعر العربي وأصبح يشكل جزءا مهما بتراكيبه الجديدة في دائرة الشعر العربي، وإذا كنا ننظر إلى مفهوم الشعر عند العرب فهو يقع ضمن إطار معين يميزه عن النثر، والكتابة بالنثر والكتابة بالقصيدة جناحان تطير بهما الحركة الثقافية عند العرب. أما مسألة المزج بين الشعر والنثر، فإنها عملية لا أستسيغها ولا أجيد تذوقها، ولا كتابتها، لكنني لست مع الذين يضعون حجرا على أي تجربة، إن استطاعت أن تثبت ذاتها، وإن كانت موجة أو فقاعة صابون فستأخذها الرياح وتنتهي، وفي اعتقادي، أننا لا يجب أن نثير المعارك بلا سبب لمجرد إثبات الذات. الفجوة الإبداعية هناك مبادرات كثيرة للتقريب وسد الفجوة، لكنها لم تثبت جدارتها حتى الآن، في رأيك، لماذا تتسع الفجوة بين ثالوث العملية الإبداعية: المبدع، المثقف، القارئ ؟ وكيف تنظر للنص في إطار العلاقة بين هذا الثلاثي؟ وما مدى مسؤولية الشعراء عن هذه الفجوة؟ * هذه الفجوة تعبير عن حالة الشيزوفيرنيا التي يعيشها المثقفون العرب، كما أن رجل الشارع لا تسمح له معاناته بمتابعة صراع الديكة ومعارك المبتسرين من مدعي الثقافة. o وعندما يُسأل الشعراء يقولون : "المعنى في بطن الشاعر"، وبالنسبة للمتلقي، فإن المقصود هو أن النص يختلف تفسيره من شخص لآخر تبعا لإحساسه الخاص، فكل واحد يفسر النص بما يتوافق مع شخصيته. من هنا يأتي الاختلاف الكبير في تفسير النصوص الشعرية، والشاعر لا يستطيع دائما أن يقدم تفسيرا للمتلقي لأن الشاعر ليست مهمته تفسير شعره، لكن الشعر يفسر نفسه سواء كان النص يتعامل مع قضية خاصة أو قضية عامة، وبالتالي فإن المتلقي هو المعني أولا وأخيرا بإيجاد التفسير الذي يتوافق مع ذائقته. * هناك من لا يرى هذه الفجوة، ولا يرى خللا في العملية الإبداعية، وإذا كان هناك خلل فلا نستطيع أن نحدد السبب أو المتسبب فيه، فقد تكون الظروف المحيطة، وبالتالي من الصعب جدا أن نحدد السبب الحقيقي، هذا في حالة إقرارنا بوجود خلل. الإسهامات والأمنيات كيف كانت تجربتك الروائية الأولى؟ وماذا عن آخر أعمالك رواية "غواية" ؟ وما أمنياتك بالنسبة للثقافة وللمشهد الإبداعي بوجه عام؟ وما مشروعك الجديد الذي تعتبره حلمك الكبير؟ * من يكتب الشعر قادر على كتابة الرواية، وسوف يكون صادقا، فالمخزون الابداعي هو الأساس لتفاعل وسرد الرواية، وأنا مهووس بالروايات، حيث أقرأ الرواية في كل مكان، وأعشق تفاصيل الرواية الغربية، والقصة ما هي إلا خواطر مجتمعة، وهي مزج الحقيقة بالخيال، فالخيال وحده لا يكفي لبناء قصة كاملة. * "غواية" هي مجموعة قصصية تناقش براءة الطفل وسذاجته الفطرية التي أغرت الطمع به لصغر سنه، فتعرض للغواية. إنها خليط من خيال ممزوج بالواقع، فالبعض ينام على السرير الوثير ويستيقظ على بسمة والديه في الصباح، وقد يشرق الصباح على صبية آخرين يتشاركون اللعب والطعام. أما "فالح" فلم يعش طفولته، حيث كان راعيا لأخيه، وهو في أحوج ما يكون للرعاية. كان يحاور النجوم في السماء البعيدة. تنقل القصص تجارب الحياة بسلبياتها قبل إيجابايتها، إنها واقع وتشويق وتجربة ومشاعر وتقاليد. أمنياتي بسيطة جدا ومتواضعة، ولعل أولها: أن يكون الأفق الثقافي أكثر اتساعا ومواكبا لمتطلبات العصر، ثانيها: أن يصرف النظام العربي نصفا في المائة من الناتج القومي الكلي علي الثقافة ومؤسساتها، وآخرها: أن يتم فصل الثقافي عن السياسي، بأن يعطي الخبز للخباز، أي أن يسمح بأن يكون القائمون على النشاط الثقافي والمؤسسات الثقافية في الوطن العربي من المثقفين أنفسهم، تلك كل أمنياتي، وأعتقد أنها أمنيات بسيطة ومتواضعة وليست خارج حدود الإمكان. الحلم ليس له حد ولا الطموح عند الكاتب ويسعده أن يقدم رواية أو ديوانا يعد إضافة لأعماله ولتاريخه الأدبي، وقد انتهيت من كتابة رواية "صبايا شوق" التي تعكس حياة الرفاهية وحياة الدنيا والفجوة بينهما. الحرية الإبداعية باعتبارك كاتبا تعلي قيم الحرية في كتاباتك، ما معنى الحرية الإبداعية؟ وهل هناك من يسيء لمعنى الحرية؟ وما أبرز أدوات الإبداع من وجهة نظرك؟ * هناك مسلمات مثل السياسة والدين يجب أن يبتعد عنها الشاعر.. وسقف الحرية يرتفع الآن عما كان عليه في الثمانينيات. والحرية الإبداعية ركيزة الإبداع وأساس الثقافة، وهي قادرة على التغيير والمحاورة والإضافة، والحرية الإبداعية هي المناخ الصحي الذي يسمح لجميع الألوان بتشكيل اللوحة الوطنية، ويسمح لكل الأطياف بأن تبرز في المشهد الوطني. لا توجد مساحة للحرية الإبداعية، وإذا قيست الحرية وكبلت انتهت .. الحرية كل لا يتجزأ، الحرية الإبداعية لا تضر، أما الاستعباد فهو الآفة المضرة، والدليل على ذلك ما حدث في المشهد الروائي الذي صار قويا جدا في الوقت الحالي، ما زاد قوة الحركة النقدية لأنها مرآة للحرية الابداعية، فقد أصبح مستواها أفضل خلال آخر عشر سنوات. أما أبرز أدوات الإبداع فهو الحرف سواء كان مكتوبا أو منطوقا، فالحرف هو الإبداع الحقيقي.