تعود قضية الإجهاض التي تقع في صلب سجال محتدم في الولاياتالمتحدة لتطرح اليوم أمام المحكمة العليا في سياق انتخابي متفجر يزيد من حدته اختبار القوة بين مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون والبيت الابيض. وستقوم المحكمة العليا التي تعمل استثنائيا بثمانية قضاة بدل تسعة بعد وفاة القاضي انتونين سكاليا، خلال هذه الجلسة البالغة الاهمية للنساء، بالنظر في قانونية القيود التي يفرضها عدد متزايد من الولايات على الحق في الاجهاض. ويتفق جميع الخبراء على ان ابعاد الحكم الذي سيصدر في هذا الملف المتعلق بتكساس سيتخطى الى حد بعيد حدود هذه الولاية. وسينظر قضاة المحكمة العليا عمليا بقانون يعود الى العام 2013 يفرض على عيادات تكساس التي تجري عمليات اجهاض ان تمتلك غرفة عمليات شبيهة بالمستشفيات. كما يلزم القانون الاطباء الذين يجرون عمليات الاجهاض بامتلاك الحق في ادخال مريضاتهم الى مستشفى محلي. ويبرر واضعو القانون هذه القيود بالحرص على صحة النساء، مؤكدين سعيهم للحد من مخاطر صحية قد يتعرضن لها. غير ان المدافعين عن الحق في الاجهاض يعتبرون هذه الحجج زائفة، ويرون ان الهدف الحقيقي للمشرعين الجمهوريين المحليين يندرج في سياق اربعة عقود من الهجمات المتكررة على الحكم في قضية "رو ضد وايد"، القرار القضائي التاريخي الذي شرع الاجهاض في الولاياتالمتحدة عام 1973. والواقع ان هذه القواعد الصارمة ارغمت على اغلاق عشرات عيادات الاجهاض خلال سنتين في تكساس وبحسب منظمة "هول ويمنز هيلث" فان حوالى 75% من هذه العيادات قد اغلق. وقالت استاذة القانون في جامعة كورنيل شيري كولب لوكالة فرانس برس "اشكك كثيرا في التأكيدات بأن هذه الاجراءات تهدف الى حماية صحة النساء. انها تفرض قيودا هائلة على العيادات التي كانت تجري بالاساس عمليات اجهاض امنة وقانونية". واوضحت كولب ان استراتيجية تقليص عدد مراكز الاجهاض وبالتالي ابعادها اكثر "يمكن ان تشكل عقبة لا يمكن تخطيها للنساء الراغبات في وقف حملهن غير انه لا يمكنهن التغيب عدة ايام عن عملهن او التخلي عن مسؤولياتهن العائلية للانتقال الى مناطق بعيدة". وكشف معهد "تكساس بوليسي ايفالويشن بروجكت" للابحاث مؤخرا ان قانون تكساس ادى الى اطالة مهل الانتظار وارتفاع النفقات وصولا الى استحالة العثور على عيادة بالنسبة لبعض النساء. وقال احد المحامين المتخصصين مايكل ديل لفرانس برس ان "هذه القضية مهمة جدا على المستوى الوطني، لان معارضي الاجهاض اقروا قوانين مماثلة او يحاولون القيام بذلك في ولايات اخرى". وصادقت محكمة الاسبوع الماضي على قانون مماثل اقر في لويزيانا، يهدد بالتسبب باغلاق ثلاثة من مراكز الاجهاض الاربعة في هذه الولاية. وبحسب معهد "غوتماكر"، هيئة الابحاث المؤيدة للاجهاض التي تعتبر دراساتها مرجعية، فان الولايات الاميركية اقرت بين 2011 و2014 ما لا يقل عن 231 تشريعا تحد من شروط اجراء عمليات اجهاض، في حين ان عدد الولايات المعارضة للاجهاض ازداد من 13 عام 2000 الى 27 عام 2014، بحسب هذا المعهد. وتعقد المحكمة العليا جلستها اليوم في ظل ازمة محورها هذه الهيئة القضائية التي باتت في صلب صراع بين مجلس الشيوخ والبيت الابيض من اجل تعيين خلف للقاضي المحافظ سكاليا الذي توفي الشهر الماضي. وباتت هذه الهيئة القضائية العليا تضم اربعة قضاة محافظين واربعة تقدميين وفي حال تساوي اصوات القضاة باربعة ضد اربعة، يبقى حكم المحكمة المرفوع امام الهيئة كما هو، وبالتالي تتم المصادقة بحكم الامر الواقع على القوانين التي اقرت في لويزيانا وتكساس. وبالتالي فان القاضي انتوني كينيدي الاكثر اعتدالا بين القضاة الاربعة المحافظين، يجد نفسه مرة جديدة في موقع الحكم في موضوع حساس، يتواجه بشانه ايضا المرشحون للانتخابات الرئاسية. وفي حال المصادقة على التدابير المتخذة في تكساس، حذر ديل بان "ذلك سيؤدي الى اغلاق المزيد من العيادات، وسيعطي دفعا لمعارضي الاجهاض".