جددت إيران مغازلتها إلى مصر أخيراً، ببرقية تهنئة من رئيس مجلس الشورى الإيراني لرئيس البرلمان المصري المنعقد حديثاً، وببرقية عزاء من وزير خارجيتها لأسرة الكاتب والمفكر المتوفى محمد حسنين هيكل، في محاولة واضحة من طهران لإذابة كرة الثلج في العلاقات المقطوعة بين البلدين منذ العام 1979. إلا أن مسؤولاً أمنيا استبعد أن تكون تلك "الشكليات الدبلوماسية" مؤثرة على قرار القاهرة بخصوص طهران. وكانت العلاقات بين البلدين قطعت بعد اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية التي وقعها الرئيس المصري الراحل أنور السادات في مارس 1979، وإثر استقبال مصر لشاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي. وأملت إيران في عودة العلاقات بقوة في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، وهي الفترة التي شهدت للمرة الأولى منذ أكثر من 30 عاما زيارة رئيس مصري إلى طهران بحضور مرسي مؤتمر دول عدم الانحياز في طهران في يوليو 2012 ثم حضور الرئيس الإيراني أحمدي نجاد مؤتمر القمة الإسلامية في القاهرة في فبراير عام 2013، إلا أنه عقب إطاحة الإخوان من حكم البلاد إثر ثورة 30 يونيو عادت العلاقات إلى نقطة الصفر. وقررت مصر في أكتوبر 2013 تعليق الأنشطة الإيرانية السياحية في مصر لأسباب أمنية، وقالت وزارة السياحة المصرية حينها: إن "الوضع الأمني الراهن لا يسمح للوزارة بدعم السفر بين البلدين بما في ذلك الرحلات الجوية والجولات السياحية". محاولات لإعادة العلاقات وخلال الأسابيع القليلة الماضية، عادت إيران مجددا لتغازل الجانب المصري وتبدي استعدادها لعودة العلاقات، وهو ما ظهر جليا في برقية رئيس مجلس الشورى الإيراني، على لاريجانى التي بعثها إلى رئيس البرلمان المصري، على عبد العال، هنأه فيها باختياره لرئاسة مجلس النواب، معربا عن أمله في تعزيز العلاقات بين إيران ومصر في شتى المجالات، بحسب ما نشرت وكالة أنباء فارس. وأكد لاريجانى في برقيته المؤرخة 17 يناير الفائت على دور التعاون البرلماني في تطوير العلاقات الإقليمية والدولية والتوصل إلى تفاهم متبادل، معربا عن استعداد مجلس الشورى لتعزيز العلاقات البرلمانية مع مصر، معربا عن أمله في أن يتحقق ذلك خلال فترة رئاسة عبد العال للبرلمان المصري. ولم تفوت طهران فرصة وفاة الكاتب والصحفي المشهور محمد حسنين هيكل، الأسبوع الفائت، لتغازل القاهرة، وبعث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف رسالة إلى هدايت علوي تيمور قرينة هيكل قدم لها تعازيه في وفاته. بدوره، حضر القائم بالأعمال الإيرانىبالقاهرة محمد محموديان عزاء هيكل، وقال للصحافيين: "فقدنا قيمة كبيرة وكل 100 سنة يأتي هيكل واحد، وهو من أدرك قيمة الثورة الإيرانية". مجرد شكليات هذه المغازلات الصريحة من طهران للقاهرة اعتبرها مسؤول أمني مسؤول عن ملفات خارجية للدولة المصرية "مجرد شكليات دبلوماسية لا أثر لها"، وقال المسؤول الذي تحدث ل "اليوم" شريطة عدم ذكر اسمه: إن "موضوع عودة العلاقات مع طهران غير مطروح إطلاقا الآن"، وأضاف: إن "أولويات السياسة الخارجية المصرية أعلنها الرئيس السيسي مراراً، ومنها: أن أمن أشقائنا في الخليج خط أحمر". وتساور الحكومة المصرية الحالية شكوك عميقة في إيران. واتهمت مصر إيران في يوليو 2013 "بالتدخل غير المقبول" في شؤونها الداخلية لانتقادها عزل مرسي. ووصفت طهران عزل مرسي بأنه "يبعث على القلق" وقالت، إنها ترى "أيادي أجنبية" تعبث في مصر. وما زال كثير من المصريين يكنون مشاعر مناهضة لإيران خاصة لاعتبارات مذهبية، وتعرضت خطط مرسي لاستقبال سياح إيرانيين لانتقادات عنيفة من رجال دين وسياسيين مصريين.