أطرب كثيرًا عندما أقرأ نصًّا للشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن.. ففي رأيي هو أحد القلائل الذين يستطيعون تحريك المياه الراكدة وقلب موازين الساحة الشعبية في أي لحظة، بل يكفي أن حضوره يلغي حضور الكثيرين.. كيف لا وهو القائل: سقاني صوتك البارح مرار الجرح والترحال صحيح أن البحر مالح ولكن العطش قتال فمن يقرأ هذين البيتين على سبيل المثال سيكتفي بهما ويدرك العمق الكبير الذي يسطره البدر في اشعاره والتصوير البديع الذي لا يتقنه سواه في وقت ظهر فيه «القصّادة» الذين يسردون أبياتًا قصصية تتكوّن من ثلاثين بيتًا، حيث نراهم بداية في قصائدهم يمدحون المحبوبة، وبعد ذلك يجرحونها في تحوّل غريب، ثم يبدأون في إظهار انفسهم بأنهم مظلومون وأن هذه المحبوبة قاسية لا قلب لها، ولذلك نراهم يتوعّدون بالانتقام!! وفجأة وبلا سابق إنذار يعودون في النهاية ويطلبون الصلح!! الصلح بعد ماذا؟؟ بعد التهديد والوعيد!! عمومًا هذا الأمر لا يهم، المهم هو طريقة الكتابة التي ابتعدت كثيرًا عن الجماليات الشعرية والصور البديعة. وعودة للبدر الذي يصنع من الحروف لآلئ ومن الابيات زخارف ذهبية، ومن العشق حالة خاصة، ومن العيون بوابة للدخول إلى مساحات الحب الرحبة تظهر في هذا البيت: ضحكت وقلت لا تخافي على بحر العيون السود على شط الكحل مريت وهذا موضع أقدامي أليس هو من أذهلنا عندما قال «انا الجفا.. ليه أخاف الناس تجفاني» أو عندما قال في مطلع إحدى قصائده: من زعلك في عيونك السود نظره لا شفتها حسّيت بالحزن بالياس من زعلك طاحت من الليل قمرا خلا الطريق من المواعيد والناس قبل أن يستدرك في أسلوب قلّ من يتقنه إن كان لا يوجد أصلًا من يتقنه وهو يقول: حبيبتي أرجوك في القلب حسرة كافي زعل أشغلتي الفكر هوجاس والله لو تدرين هالحب جمرة بين الضلوع تشب من حر الانفاس الحديث عن شاعر بحجم البدر يطول ولا تكفيه هذه المساحة فهو «ترمومتر» الساحة الشعبية في حضوره أو غيابه، كما وصفه صديقي الشاعر والكاتب حامد مناور. خاتمة للبدر لا متى ذبح العرب عندك حلال تابت العالم متى عينك تتوب تويتر: @AbdullahShabnan [email protected]