منذ عقود مضت تعودت السعودية أن تتجاهل أو تتغاضى، وأيضا تصفح عن الإساءات التي توجه لحكومتها وقياداتها ولرموزها، من حكومات أو أحزاب أو أفراد في العالم العربي. وعرف العالم معنى الصفح والعفو عندما تآمر القذافي على حياة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله-، فلم يذهب الراحل الكبير بخلافه مع القذافي بعيدا، فكان قلبه الكبير ومعدنه الصافي الأصيل هو سيد الموقف. ولكن الحكومة السعودية، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -يرحمه الله-، تنتقل إلى الحزم والعزم والمواجهة؛ عندما تكون مصالح الشعب السعودي مهددة، فهنا تُمارس القيادة مسؤولياتها؛ لحماية مصالح شعبها، تُمارس مواقفها بكل صراحة ووضوح وبدون مواربة، وآخر هذه المواقف نراه الآن في مسار العلاقات السعودية اللبنانية، فقد ظلت الحكومة السعودية تُمارس ضبط النفس وتقديم حسن النوايا، وتواصل المساعدات العينية إلى اللبنانيين جميعا بدون تفرقة، وتقدم الدعم السياسي إلى لبنان في المحافل العربية والدولية، رغم الإساءات والإهانات المتكررة. ولسنوات، بقي الكثير من السعوديين في حيرة وذهول مما يرونه أو يسمعونه من رموز السياسة اللبنانية، حيث تُمارس الإساءات ضد بلادهم، إلا أن الكثير من السعوديين ومعهم الكثير من الخليجيين، يقدرون مواقف الحكومات وهي تُمارس ضبط النفس ومواصلة دعم لبنان، حكومة وشعبا. هل الوضع يتغير الآن؟ إعلان المملكة وقف مشروع الدعم للجيش اللبناني ولقوى الأمن الداخلي، يأتي في إطار حماية مصالح الشعب السعودي، فالتجاوزات التي تُمارس في الساحة اللبنانية واستمرار حزب الله مهيمنا على إدارة البلد ويواصل اختطاف القرار السيادي اللبناني، هذا الوضع يولد أضرارا مباشرة وصريحة لمصالحنا، فلبنان أصبح عنصرا فاعلا في المشروع الإيراني، فاعلا عبر الدعم العسكري والبشري لعصابة بشار الأسد، وداعما سياسيا بعد تخلي اللبنانيين الرافضين لهيمنة حزب الله عن مسؤوليتهم، فأقنعونا بأن بلدهم مختطف، ويطالبوننا بتخليص بلادهم من الاحتلال الإيراني!! العبث في الساحة السياسية اللبنانية أصبح مضرا بمصلحة الشعبين السعودي واللبناني، فهناك الكثير من الخليجيين وضعوا استثماراتهم في لبنان، وهناك ما يقارب المليون لبناني في دول مجلس التعاون الخليجي، وهؤلاء حزب الله لم يضع في حساباته مصالحهم، وحسن نصرالله يهمه مشروع ولاية الفقيه الذي يجر المنطقة إلى الدمار، ولبنان في مقدمة المتضررين من هذا المشروع الذي يختطف عروبته ويضعه في قلب صراعات المنطقة. استمرار سياسة المجاملة وغض الطرف مضر بمصالح الشعب اللبناني، اللبنانيون عليهم مواجهة الحقيقة المرة لهم ولنا، عليهم أن يقفوا صراحة ضد سياسات الهيمنة التي يمارسها حزب الله، فقوة الحزب وتنمره نتيجة لضعف اللبنانيين وسكوتهم على الوضع القائم، وهناك فئة منتفعة راضية ويهمها استمرار حالة الخوار والعجز.