في 14 اكتوبر 2010م كتب د. صالح الخثلان مقالاً هاماً بعنوان "لبنان، حان وقت تغيير اتجاه البوصلة" وكانت خلاصته أن البعض في لبنان ينظر إلى المملكة من زاوية الدولة المضمونة مهما تعرضت له من إساءات فالرياض لا يمكن أن تكون ويجب أن لا تكون "مضمونة" أو حسب التعبير الشعبي "في الجيب". وأنه من زاوية عقلانية تقوم على حساب دقيق للأرباح والخسائر فلبنان لا يتمتع بأي قيمة حقيقية من منظور المصالح الاستراتيجية للمملكة. وعلى افتراض أن المملكة ستتجاهل لبنان تماماً -وهذا لن يحدث بالطبع- فإن مصالحها لن تتأثر سلباً مُختتماً بقوله: "لا ندعو للتخلي عن لبنان بل لوضعه في حجمه الصحيح وصرف الجهد الدبلوماسي السعودي إلى ما هو أهم". أ. جميل الذيابي كتب هو الآخر في 18 اكتوبر 2010 مقالاً بعنوان "لبنان والنُكران" وكانت خلاصته "انه لا يمكن مقارنة ما تقدمه السعودية من دعم وجهد سياسي لصالح لبنان بما تقدمه إيران فالمملكة أكبر داعم مادي ولوجستي حيث قدمت بلايين الدولارات كهبات ومساعدات، وصولاً لدفع الرسوم المدرسية والكتب في المدارس ومع ذلك فيتم مقابلة هذا الجميل بالنكران وتخوين النيات وتوتير للعلاقات". من الحقائق السياسية أنه ومنذ احداث 11 سبتمبر فالغزو الأمريكي للعراق ثم بسبب تأثيرات أحداث الفوضى التي عمت المنطقة العربية وارتكاب اخطاء من قبل البعض، فإن الدور الإيراني في لبنان تفوق على الدور الخليجي والسعودي والسبب هو استناده إلى مشروع توسعي جدي يقوم على آلية ومؤسسية، ويتخذ من الإسلام ودعم المذهب ستاراً لهذا التوسع الجيوسياسي، وهنا تكمن خطورته، فأذرع هذا المشروع وأدواته تتقدم وتمهد الطريق طبقاً لإستراتيجية عسكرية وامنية هدفها خلق أمر واقع واتخاذ الولاء الطائفي جسرا للوصول للتحكم في القرار السياسي الداخلي والخارجي اللبناني. الموقف اللبناني كان سلبياً تجاه دول الخليج بدءا بسكوت الدولة اللبنانية عن دور حزب الله في دعم الحوثيين وتقديم الدعم التدريبي واللوجستي والإعلامي لهم منذ سنوات، ومروراً بتدخل حزب الله المباشر في الحرب في سوريا ثم تحول لبنان لمنصة إعلامية وسياسية لمهاجمة المملكة وشيطنتها عبر القنوات اللبنانية الممولة إيرانياً. الموقف اللبناني السلبي انتقل خارج حدود لبنان ليشمل المنظمات الدولية وليصوت ضد الاجماع العربي في الاممالمتحدة أكثر من مرة وبعد اجتماع الوزراء العرب الأخير لدعم المملكة في مواجهة إيران أكد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل أن لبنان امتنع عن التصويت، ونأى بنفسه عن الأمر. أما في البيان الذي ذكر حزب الله اللبناني، وربطه بأعمال إرهابية، فذكر انه طالب بإزالته والاعتراض على البيان". وفي اجتماع منظمة التعاون الاسلامي كرر لبنان نفس الموقف دون تردد وخجل. رئيس الوزراء اللبناني الاسبق سعد الحريري قال "إن انفراد وزارة الخارجية بما زعمت انه نأي بالنفس عن موقف عربي جامع في المؤتمر الطارئ لوزراء خارجية المؤتمر الإسلامي للتضامن مع المملكة في مواجهة الاعتداءات على بعثاتها الدبلوماسية بإيران ولرفض التدخل الإيراني هو موقف لا يعبر عن غالبية الشعب اللبناني متسائلاً لماذا نأت الخارجية اللبنانية بنفسها هذه المرة خصوصا ان البيان لم يتضمن اي ذكر للبنان او اي تنظيم سياسي لبناني، وهو ما اعتبره نائيا لبنانيا عن عروبته وميلا نحو ايران وعدوانيتها ومصالحها التوسعية. اذا كان دولة رئيس الوزراء سعد الحريري اعترف بنفسه أن السياسة الداخلية والخارجية اللبنانية مرتهنة للاجندة الايرانية وبأن المواقف اللبنانية تجاه المملكة غير مُبررة فإن هذا يؤكد مطالبات النخب السعودية والخليجية بضرورة سرعة إعادة تقييم السياسات الخليجية تجاه لبنان لتصحيح الخلل الموجود وفق خطة جديدة تراجع السياسات الماضية وبعيداً عن اي مجاملات على حساب الأوطان.