احترت في أمري عندما هممت بكتابة المقال عن السلامة المرورية! هل أكتب مادحا أم ناقدا ؟ فهناك الكثير بالامكان قوله في كلتا الحالتين. لكن إذا وضعنا المديح والنقد جانبا وتكلمنا بموضوعية، نرى أن المرور وتحديدا ما يتعلق بتطبيق الأنظمة والقوانين مازال بحاجة إلى كثير من العمل خصوصا أننا في المملكة مازلنا نتمتع بنسبة عالية جدا في الحوادث والوفيات على مستوى العالم قياسا بعدد السكان. ولكي أكون محايدا فإني سأستشهد بمقولة لأحد أصحاب الشأن والمطلع على خفايا المرور وشؤونه عن قرب وهو مدير الأمن العام الفريق عثمان المحرج الذي قال لمديري إدارات المرور بجميع المناطق في اجتماع المرور للعام الحالي : إن أداء إداراتهم غير مرض وأن جميع القطاعات الحكومية تطورّت ما عداهم. وانتقد الفريق المحرج عدم وجود أي تطور ملموس بعد اجتماع المرور العام السابق، وتوعّد برصد أداء المرور حتى يتغير معتمداً على رأي المجتمع وجعله حكماً للحكم عليهم. على السلامة المرورية أن تأخذ كلام الفريق المحرج على محمل الجد وأن تبني عليه خطة طريق لتصحيح وضع المرور. نعم إن مشكلة المرور المستعصية في المملكة تعود بالدرجة الأولى على المرور نفسه وعلى أداء المرور أن يتغير كما قال الفريق المحرج : دع عنك ما يقوله المنظرون وما تقوله الدراسات الذي كثيرا ما يعزون السبب الرئيس في كثرة الحوادث إلى السرعة و سوء أحوال الطرق! فهذه النظرية غير صحيحة من وجهة نظري. فالسائقون المتهورون هنا نجدهم متقيدين بأنظمة المرور إذا سافروا إلى البلدان المجاورة، والطرق لدينا أفضل بمراحل من الطرق في دول نسبة الحوادث فيها متدن كدول جنوب شرق آسيا ودول شمال أفريقيا. إن المشكلة تكمن في أداء المرور وهذا الأمر رغم تعقيداته لأنه يتعلق بأداء رجل المرور نفسه إلا أنه بالإمكان حلّه والحل يكمن في كلمتين: إرادة، وإدارة. إذا توافرت الإرادة الحقيقية في عمل تغيير في نظام المرور وإدارة واعية ومتمكنة لعمل التغيير فإن التغيير حاصل لا محالة، وإذا سألنا أنفسنا عما إذا كنّا نملك الإرادة والإدارة؟ فالجواب : نعم. المجتمع بأكمله قد ضاق ذرعا من كثرة الحوادث لدرجة أصبح يعاني معها كل بيت تقريبا وهو - أي المجتمع - على استعداد تام على تقبّل التغيير وهذا ما قد نعتبره ضمانا لوجود الإرادة ونجاحها. وأما الإدارة فهي موجودة وتتمثل في كوادر المرور وكوادر السلامة المرورية الذين يتمتعون بقدر عال من الوعي والمعرفة وربما ما ينقصهم سوى إعطائهم الفرصة مع المزيد من الصلاحيات والإمكانات. ولا ننسى الدور الأساس والمهم للوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى التي يجب أن تنخرط في عملية التغيير بشكل إيجابي وفعّال، وعلينا ان نستفيد من أرامكو السعودية التي تساهم بشكل أساس في تغيير الوضع الحالي للسلامة المرورية.