تباينت آراء مهتمين وعاملين بفن وصناعة السينما في المملكة حول مهرجان الشباب للأفلام الذي اختتم فعالياته على مسرح النادي الأدبي بمدينة جدة الثلاثاء الماضي، واستمر أربعة أيام، وأشرف على تنظيمه الرئاسة العامة لرعاية الشباب، فمنهم من اعتبره محفلا فنيا يتيح الفرصة للشباب والمبدعين لعرض أعمالهم المتخصصة وتطويرها ومنهم من رأى أن جهود القائمين عليه تذهب في مهب الريح اذ لا يمكن للعمل السينمائي أن يتطور دون وجود أدوات الانتاج والعرض .. مجمل هذه الآراء المتباينة في سياق التحقيق التالي: مشروع ثقافي بداية يقف المخرج سمير عارف نصيرا لفكرة إحياء المهرجانات السينمائية، ويبرز ذلك في سياق قوله: "إن عملية طرح عدد من المهرجانات السينمائية منها هذا المهرجان ومهرجان "حواركم" في الرياض وغيرها اعتبرها مشروعا ثقافيا، لهذا أتوقع أن تحقق جدواها الثقافية على المديين المتوسط والبعيد عبر فعل سينمائي عام من إيجاد نقاشات وإنتاج أفلام متنوعة". ويتابع عارف : "ومهرجان جدة السينمائي الذي نعيش اليوم تفاصيل نجاحه يساهم في تطوير صناعة الفيلم السعودي وإيجاد حركة سينمائية لها حضورها الحقيقي وتطوير القدرات الفنية والتقنية لدى صانعي الفيلم التلفزيوني والسينمائي ونشر الوعي السينمائي لدى المتلقي، وتكريم روادها ومؤسسيها وايجاد مناخات جديدة ملائمة للمبدعين، الا أن من أهم أسباب نجاح التجربة السينمائية معالجتها هموم المجتمع بأسلوب تربوي. صنيعة موهوبين فيما يجد رأي سمير عارف التعضيد والتأييد من قبل المخرجة السعودية هند الفهاد، حيث قالت : "أرى أن هناك إرادة وتخطيطا لاستعادة جمهور السينما وقيام مهرجان سينمائي خطوة ممتازة. وأتمنى أن يتم تنظيم مهرجانات أخرى في جميع مناطق المملكة تحت مسميات مختلفة لعمل توازن جغرافي وجهوي، أما ما رأيته من خلال ما عرض فأنا اعتبرها تجارب سينمائية وليدة وصنيعة موهوبين وموهوبات في صناعة الفيلم السعودي فقد استطاعوا من خلال نوافذ المهرجان تفسير ما يشعرونه بتجارب وممارسات فنية مغايرة في فن صناعة الفيلم القصير سواء كان وثائقياً أو روائياً في وقت نشهد فيه غياب معاهد واكاديميات مختصة يغرفون منها أساسيات ومناهج صناعة الأفلام, وتلك اشارة صريحة الى أن الموهبة المقرونة بالشغف تفعل فعلها العجيب في انبات نخلات ذهبية. نقطة تحول وجاءت رؤية المخرج السينمائي ممدوح سالم مؤكدة ان توحيد العمل لصنع سينما حقيقية لن تكون الا بالمهرجانات قائلا : "مهرجان الشباب للأفلام" بجدة فرصة لكل مبدع وفنان لا يجد من يأخذ بيده .. نحن نمد يدنا إليهم، فهو محفل فني يتيح الفرصة للشباب والمبدعين لعرض أعمالهم المتخصصة وتطويرها ويفسح المجال لظهور العديد من صانعي الأفلام والتجارب الفنية الواعدة، ومحطة للتعارف وتبادل الآراء وشحذ الطاقات الإبداعية في القطاع الفني ومجال صناعة الأفلام المتخصصة. ويسعى المهرجان الى أن يكون نقطة تحول رائدة للمواهب الشابة المبدعة التي تواكب شتى المجالات الفنية وهو يعزز في مجمله قيم الانتماء والوطنية. قلة الإمكانات من جانبه قال المخرج عبدالخالق الغانم: "إن المهرجان إنجاز جيد وهذا دليل على أنه ليس مهما لدى الشباب المهتمين بالفن السينمائي أن تكون هناك صالات سينما من عدمها. ويضيف الغانم : "إن أغلب المهتمين بهذا القطاع يطمحون إلى وجود صناعة حقيقية لهذا الفن في السعودية، كما يتمنون أن يجدوا الموارد والامكانات التي تمكنهم من طرح قضايا اجتماعية حقيقية تمس حياة المجتمع الذي يعيشون فيه، لكن من الصعب المجازفة بالتفرغ لهذا الفن في ظل قلة الإمكانات ودعم هذا الفن. سوء التنظيم وعلى خلاف الآراء المعضدة لفكرة قيام ونجاح المهرجان قال الفنان فايز المالكي: "إن المهرجانات السينمائية غير كافية في ظل عدم وجود سينما حقيقية، وهو الأمر الذي يجب على القائمين استداركه، وتبقى هذه المهرجانات تتخبط لغياب صالات عرض مجهزة واستبدالها بإحدى صالات النادي الادبي. أعمال تلفزيونية ويؤكد المنتج السعودي خالد المسند ان قيام مهرجان دون صالات مجهزة بمثابة حضور الابطال وغياب الشاشة. ويتابع : "السينما لدينا تعيش أزمة، فليست ممنوعة بحيث تغيب عن أجندة من يقومون ببعض المحاولات في هذا الصدد، وليست مسموحا لها لتنال التصريح بإنشائها. إن التجارب الشبابية في الإنتاج السينمائي تمثل جزءاً من الحراك الثقافي، ومضمونها هو الذي يحدد حجم العطاء الذي تضيفه للمشهد الثقافي. ويكمل المسند : "السينما في حد ذاتها جزء لا ينفصل عن الحراك الثقافي، والمهرجانات السينمائية مهمة جدا، واذا لم توجد طرق فنية للعرض يجب أن تتحول الى أعمال تلفزيونية. أما بالنسبة للافلام الفائزة فلابد ان تكون هناك آلية للمهرجانات بأن يتفقوا مع دور عرض سينما في الخليج أو الدول العربية لتعرض الافلام الفائزة لمدة معينة أو يتفقوا مع محطة تلفزيونية ليعرضوها على أساس أنها أفلام تلفزيونية.