أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن بعثات التنقيب العاملة الآن في مناطق المملكة تستكشف كل يوم على أرض المملكة طبقات من حضارات عريقة، تبرز أهمية المنطقة في التاريخ الإنساني عبر العصور، وتبرهن أن هذه الأرض كانت منذ القدم مركز ثقل سياسي واقتصادي وحضاري، وقدرها أن تبقى كذلك، وأن مواطني هذه البلاد ورثة لمن أدوا دورا رئيسا في اقتصاد العالم وطرق التجارة، وأحفاد من نشروا الثقافة الإسلامية وهم مبرمجون جينيا لأداء هذه الأدوار. وكان سموه قد التقى في مقر الهيئة بالرياض، أمس، رئيس المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي الدكتور آلان فوكس، وفريق البعثة السعودية - الفرنسية المشتركة للتنقيب في موقع اليمامة بمحافظة الخرج. وأعرب سموه خلال اللقاء عن تقديره لتعاون المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي مع الهيئة في مشاريع التنقيب والبحث العلمي وتدريب الكوادر البشرية في مجالات الآثار، كما ثمن جهود البعثة السعودية - الفرنسية المشتركة للتنقيب في موقع اليمامة بمحافظة الخرج. وأكد أهمية تهيئة الموقع للزوار ليتمكن أهالي المنطقة المحيطة به وجميع المواطنين من زيارته، وذلك في إطار جهود الهيئة لربط المواطنين بتاريخ بلادهم وهو المسار الذي تعمل عليه الهيئة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، ولتحقيق توجيهات خادم الحرمين الشريفين بالعناية بالآثار وتعريف المواطنين بها، وتأكيده -حفظه الله- على ضرورة الإسراع في إطلاق برنامج شامل للعناية بالتراث وتهيئة مواقعه لعرض التاريخ الوطني ومواقع التاريخ الإسلامي ومواقع الآثار الأخرى. وأكد سمو الأمير سلطان بن سلمان أن الدولة ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تعمل على مشروع شامل للتعريف بما تمتاز به المملكة من ثقل حضاري وغنى تراثي وعمق تاريخي، مشيراً إلى أن بعثات التنقيب العاملة الآن في مناطق المملكة والتي تضم علماء سعوديين مع نظرائهم من دول عدة تستكشف كل يوم على أرض المملكة طبقات من حضارات عريقة، تبرز أهمية هذه المنطقة في التاريخ الإنساني عبر العصور. يشار إلى أن المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي يتعاون مع الهيئة من خلال سبعة مشاريع قائمة، منها أعمال التنقيب الجارية في مدائن صالح من خلال فريق مشترك سعودي - فرنسي، وأيضا في الخرج وفي نجران، وأعمال تدريب للكوادر السعودية. في حين تعمل البعثة السعودية - الفرنسية المشتركة في إطار الاتفاقية الموقعة بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والجانب الفرنسي لأعمال التنقيب الأثري في مواقع محافظة الخرج بمنطقة الرياض، ويضم الفريق السعودي - الفرنسي في الموسم الحالي 18 عضوا متخصصا في مجال البحث الأثري، حيث يرأس الجانب الفرنسي الدكتور جيرمي شيتيكات، في حين يرأس الجانب السعودي عبدالعزيز الحماد. وقد أجرت البعثة أعمال مسوحات وتنقيب في موقع «البنا» في اليمامة الذي يقع في وسط واحة الخرج ويتبع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. وأظهرت نتائج أعمال البحث والتنقيب في هذا الموقع الكشف عن آثار معمارية لمسجد ضخم يعود إلى الفترة الإسلامية المبكرة، بداية من القرن الأول إلى القرن الخامس الهجري، له ثلاثة أروقة مسقوفة ومحرابان وصحن مكشوف ضخم، كما تم الكشف عن منطقة سكنية مجاورة للمسجد تعود للفترة الإسلامية ولفترة ما قبل الإسلام. وفي موقع عين الضلع الذي يقع في الجهة الغربية من واحة الخرج تم الكشف عن آثار سكنى بشرية يقدر عمرها بحوالي 5000 عام، كما تم القيام بمسح ميداني للجبال المحيطة بالخرج بحثاً عن مواقع العصور الحجرية، شمل الجبال المطلة على وادي نساح، وجزءاً من الجبال المطلة على وادي ماوان، وعين فرزان، والجبال المطلة على بلدة الشديدة حيث تم الكشف عن مواقع تعود للعصر الحجري القديم في محافظة الخرج يعود تاريخها إلى 100 ألف عام تقريباً وهي المرة الأولى التي تكتشف فيها مواقع من فترة العصر الحجري القديم في محافظة الخرج، إضافة إلى مواقع تعود إلى العصر الحجري القديم الأعلى.