أكمل اليوم الحديث عن الحوكمة والشفافية وتأثيرهما في جذب الاستثمار الأجنبي إلى السوق المالية السعودية، حيث إنه بالنظر إلى هيكلة مجالس الإدارة في الشركات السعودية المدرجة في السوق المالية أرى أهمية فصله بالكامل عن الإدارة التنفيذية حتى لا يكون أي من أعضاء الإدارة بمن فيهم الرئيس التنفيذي ضمن أعضاء المجلس. وإذا كنا جادين في شأن الشفافية فلابد من هيكلة وظيفة الرئيس التنفيذي المالي، بحيث تكون مستقلة CFO عن وظيفة الرئيس التنفيذي CEO حتى لا تكون للأخير سلطة عليه في ما يصدر عن الشركة من تقارير مالية. حوكمة الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية مزيج من الأنظمة في المملكة وما تبنته هيئة السوق المالية من الأنظمة والسياسات المعمول بها في الأسواق المالية الأمريكية وغيرها من الأسواق الأوروبية. وسيكون رأيي في مجلس الإدارة أبعد مما هو معمول به الآن في الشركات السعودية المدرجة في السوق المالية، حيث أرى ضرورة أن يكون لصغار المستثمرين فرصة الترشح لعضويته لحماية مصالحهم من إدارات الشركات وكبار المستثمرين الذين ربما يرتبط بعضهم بإدارة الشركة من خلال مصالح شخصية خاصة عندما يمثلون شركات لا علاقة لها بالسوق المالية، وذلك عن طريق العقود غير المعلنة وغير ذلك من الأمور غير المعلنة بالنسبة لهيئة سوق المال. ويعرف هذا بحماية مصالح الأقلية في الشركات. ولقد راجعت هيكلة مجالس إدارة الشركات العائلية فوجدت أن نسبة كبيرة منها يتربع عليها أفراد العائلة بالرغم أنها مملوكة الآن لحملة الأسهم من خارج العائلة، لكن دورهم مهمش فيها. وبعض أعضاء مجلس الإدارة يرتبطون بمصالح مع أشخاص في نفس المجلس بينما البعض منهم يرتبطون بنسب أو قرابة بعيدة. كيف سيكون حال الشفافية ومصداقية التقارير عندما تسيطر العائلات على مجالس إدارة الشركات؟!. يستفيد ملاك الأسهم وأصحاب المصالح من المعلومات المالية في معرفة جودة أداء الشركات في العديد من النواحي، بالإضافة إلى معرفة المشاكل المالية ومعالجتها قبل تفاقمها. ويجب أن تتوفر الشفافية الكافية في المعايير المحاسبية وإلا فإن التقارير المالية ستواجه مشاكل كثيرة مما يفقدها المصداقية. ويعتمد رئيس مجلس الإدارة واعضاؤه على التقارير المالية في قرار استراتيجية التعويضات للرئيس التنفيذي والحوافز المالية الأخرى مثل عمولات المبيعات. وإذا لم تتوافر الشفافية الكافية فإن نظام التعويضات والعمولات سيكون غير صحيح مما يضعف ثقة المستثمرين واصحاب المصالح في أداء الشركة وبالتالي يخرجون منها وربما تفلس بمن بقي فيها. الخلاصة لا نستطيع جذب المستثمر الأجنبي للاستثمار في الأسهم السعودية إلا عندما تكون الحوكمة والشفافية والمهنية على مستوى عالٍ ينافس تلك في الدول التي سبقتنا في الأسواق المالية. ولن يغامر المستثمر الأجنبي بماله في سوق أسهم فقد حوالي 80% من قيمته منذ مارس 2006م. وفي الختام اشارت دراسة المانية إلى أن الشركات التي تبنت المعايير المحاسبية الدولية في الحوكمة استطاعت خفض تكلفة رأس المال المستثمر. وأرى أن يكون لوزارة التجارة والصناعة دور أساسي في حوكمة الشركات المدرجة خاصة في الناحية المالية، بحيث تكون هناك لجنة مشتركة مشكلة من وزارة التجارة والصناعة وهيئة سوق المال.