المسؤولون في الاحتياطي الفدرالي، الذين قضوا عدة أشهر في مناقشة أول زيادة في أسعار الفائدة منذ عقد من الزمان تقريبا، يتحولون الآن إلى سؤال شائك حول ما يجب القيام به مع ميزانية عمومية تعادل حجم الاقتصاد الياباني. بعد شهر من رفع أسعار الفائدة، الاضطرابات في الأسواق المالية العالمية أجلت التوقعات لمزيد من رفع أسعار الفائدة، وأثارت القلق حول ما هي الأدوات المتاحة لمحاربة الركود المقبل. أشار ستانلي فيشر، نائب رئيس البنك المركزي، إلى أنه يمكن إبقاء الميزانية العمومية البالغة 4.5 تريليون دولار كوسيلة للضغط على عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل أثناء الأوقات التي ترفع فيها سياسة أسعار الفائدة على المدى القصير. فكرة فيشر – التي نوقشت في خطاب في مطلع الشهر الحالي جزئيا بخصوص استراتيجيات لإبعاد سعر الفائدة على المدى القصير عن الصفر - تم تناولها بشكل عملي أكثر من قبل رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك وليام دادلي. قال دادلي إنه يرى أن "من المنطقي" إعادة استثمار السندات المستحقة وتأجيل التخفيض في الميزانية العمومية حتى يتم رفع سعر الفائدة على ودائع البنوك لدى الاحتياطي الفدرالي إلى معدلات أعلى نوعا ما. وقال: "وجود مزيد من «الاحتياطات النقدية» في شكل ارتفاع أسعار الفائدة على المدى القصير يبدو مرغوبا فيه أكثر من الاحتياطات النقدية الأقل والميزانية العمومية الأصغر". قدمت رئيسة الاحتياطي الفدرالي جانيت ييلين تعليقات مماثلة في مؤتمرها الصحفي في الشهر الماضي، وهذا يعني أن أبرز 3 مسؤولين في البنك ينظرون إلى مقتنيات البنك المركزي الضخمة من السندات على أنها أداة سياسية نشطة بدلا من النظر إليها على أنها من مخلفات الأزمة المالية التي تحتاج إلى تقليص في أقرب وقت ممكن. قال مايكل هانسون، كبير الاقتصاديين في بنك اوف امريكا: "يرى دادلي أنه إذا قمنا باختيار أداتنا" لتشديد السياسة، "عندها سوف نختار أسعار الفائدة". وقال هانسون، هذا هو الخيار الأكثر أمانا، لأن المسؤولين غير متأكدين إلى حد كبير ما هو الأثر المترتب على الأسواق المالية حين يحدث انكماش في الميزانية العمومية. لكن الرأي الذي يدعو إلى الاحتفاظ بمقتنيات مقدارها تريليونات الدولارات من السندات لعدة أشهر مقبلة ليس من المرجح أن يكون مفضلا لدى جميع المشاركين في اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة. جيفري لاكر، رئيس الاحتياطي الفدرالي في ريتشموند، يفضل تصفية سندات حيازات الاحتياطي الفيدرالي "على وجه السرعة". تضخمت الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي إلى 4.5 تريليون دولار في عام 2014م من نحو 900 مليار دولار في عام 2008م؛ نتيجة شراء سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية، خلال ثلاث مراحل استراتيجية تعرف باسم التيسير الكمي. يبقي الاحتياطي الفدرالي أصوله على هذا المستوى عن طريق إعادة استثمار عائدات السندات المستحقة، وهو تكتيك تعهد بإنهائه عندما يقطع رفع أسعار الفائدة "شوطا كبيرا". عرّف بعض الاقتصاديين الخاصين ذلك بأنه حين يبلغ سعر الفائدة على ودائع البنوك لدى البنك المركزي، الذي يقع حاليا في نطاق من 0.25 بالمائة إلى 0.5 بالمائة، مستوى 1 في المائة على الأقل، وربما أكثر. وقال دادلي إنه لا ينبغي أن تكون هناك "شرارة رقمية" لإنهاء البرنامج، والظروف الاقتصادية ينبغي أن تشكل القرار. قال روبرت مارتن، الاقتصادي المختص بالاقتصاد الأمريكي في باركليز كابيتال في نيويورك، الذي يتوقع أن الاحتياطي الفدرالي سيبدأ في تقليص الميزانية العمومية في مارس من عام 2017: "الخطر هو أن تستمر هذه الفترة من التقلبات المالية وتؤدي إلى تباطؤ فعلي للنشاط الاقتصادي الذي يجعل البنك يقرر رفع أسعار الفائدة مرتين هذا العام". وأضاف: "وهذا سيبدأ في دفع تطبيع الميزانية العمومية إلى موعد لاحق. وقال لو كراندال كبير الاقتصاديين في رايتسون ICAP في جيرسي سيتي بولاية نيو جيرسي: "أن تبلغ شوطا كبيرا لا يعني رفع أسعار الفائدة مرة أو مرتين. المسار المتوقع لرفع أسعار الفائدة أصبح أكثر ثباتا وهذا يعني أن عام 2017، وليس 2016" هو العام الذي سيسمح فيه ببدء جولة الإعادة. التوقيت المتوقع للتشديد من الاحتياطي الفدرالي يجري تأجيله، جزئيا لأنه على ما يبدو أن الاقتصاد يفقد الزخم أثناء دخوله العام الحالي. خفض بنك باركليز توقعاته للناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع إلى نمو بنسبة 0.3 بالمائة بالمعدل السنوي بعد أن كان بسنبة 0.7 بالمائة، في حين خفض بنك كريدي سويس النسبة من 1 بالمائة إلى 0.8 بالمائة. في الربع الثالث، نما الاقتصاد بنسبة 2 في المائة. مع وجود أكثر من تريليون دولار في سندات الخزينة المستحقة على مدى السنوات الأربع المقبلة، وفقا لبيانات جمعتها بلومبيرج، فإن قرار تقليص المحفظة لا يقل أهمية عن زيادة الشهر الماضي في سعر الفائدة، ويمكن أن يكون النقاش حتى أكثر إثارة للجدل. بالنسبة للوقت الحاضر، فإن اللجنة ليست في عجلة من أمرها، حيث إن كثيرا من الأعضاء يعتبرون أن الميزانية العمومية لا تزال أداة مفيدة للتحفيز. وبالتالي فإن إبقاءها عالية في الوقت الذي تزحف فيه أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى الأعلى ينسجم مع توقعات اللجنة لزيادات "تدريجية" في أسعار الفائدة. في المبادئ التي أعلنتها اللجنة في سبتمبر 2014م من أجل استراتيجيته للخروج، ترك الاحتياطي الفيدرالي الأجوبة حول ما هي الخطوة التالية للميزانية مفتوحة للتأويل. وطالبوا البنك بعدم حيازة "أوراق مالية كثيرة مما يلزم لتنفيذ السياسة النقدية بكفاءة." وقال مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين لمنطقة الولاياتالمتحدة في بنك جيه بي مورجان تشيس، إنه غير مقتنع بأن بيان 2014م هو القول الفصل في هذه المسألة. وقال إن ما يعنونه فقط ب "كفاءة" هو "أكثر الجوانب الملموسة في النقاش".