افتقد معظم الأندية السعودية للاعب المميز في خانة الظهير الأيمن في السنوات العشر الماضية، ولم تعد مدارس الأندية ولادة للنجم المؤثر الذي يقوم بالادوار المطلوبة في مركز الظهير الأيمن وغابت الاسماء الرنانة في هذا المركز لسنوات طويلة وشكلت معضلة وهاجساً كبيراً لأكثر الأندية السعودية حتى اصبح مركز الظهير الأيمن من اضعف خطوط الفريق وبسببه ارهقت خزائن الأندية التي انفقت ملايين طائلة لتوقيع عدة عقود مع لاعبين في هذه الخانة، وبات اللاعب في الظهير الأيمن مطلبا رئيساً لأكثر الأندية وما زالت أعين الكشافين تراقب المواهب في هذا المركز دون اي جدوى وأصبح هناك ندرة في اللاعبين الذين يلعبون في مركز الظهير الأيمن والذي شهد ولادة لاعبين من افضل اللاعبين السعوديين في التاريخ الكروي وهم محمد شلية وأحمد الدوخي ومن بعدهم لم تشهد الخارطة السعودية اي لاعب موهوب يملأ الخانة، "الميدان" يسلط الضوء في هذا التقرير على الأندية التي تضررت وانفقت ملايين الريالات في عقود اللاعبين الذين يلعبون في خانة الظهير الأيمن وهو المركز الوحيد من بين كل المراكز الذي تتضرر منه العديد من الأندية وكذلك المنتخب السعودي فالمتابع الدقيق لقائمة الأخضر في السنوات الماضية يجد أن اللاعب حسن معاذ هو الوحيد الذي يلعب في هذه الخانة بغض النظر عن مستواه الفني وسط حضور قليل للاعب الهلال ياسر الشهراني الذي يلعب في عدة مراكز؛ إليكم محتوى هذا التقرير: معاذ رقم «واحد» حجز اللاعب حسن معاذ مقعده الاساسي مع فريقه الشباب وظل اللاعب رقم واحد في القائمة الاساسية منذ بزوغ نجوميته واستمر بتقديم مستويات متألقة جعلته مطمعاً للأندية المنافسة إذ تردد اسمه كثيراً في جميع فترات انتقالات اللاعبين، وأصبح المطلب الاول لجماهير الاندية التي طالبت انديتها بالتعاقد معه، وتحصل على العديد من العروض الاحترافية لكن لم يكتب لها النجاح؛ ومثل معاذ المنتخب السعودي الأول في الكثير من المباريات حتى بات بصورة ثابتة الظهير الأيمن رقم واحد في السنوات العشر الماضية مما يؤكد أن كرة القدم السعودية لم تعد ولادة خصوصاً في هذا المركز. الهلال تورط دخل الفريق الهلالي في نفق مظلم وهو يبحث عن بديل للاعبه أحمد الدوخي بعد انتقاله للاتحاد عام 2004 فلم تجد الإدارات الهلالية التي تعاقبت على رئاسة النادي في استقطاب لاعب يسد حاجة الفريق في هذه الخانة، واضطرت إدارة الأمير عبدالرحمن بن مساعد في اول سنة من رئاستها للتعاقد مع محترف أجنبي يلعب في الظهير الايمن وهو الكوري يو هانغ بيو ولعب لموسمين مع الفريق، ولو نظرنا بشكل أوسع فالهلال تعاقد مع العديد من الاسماء في هذا المركز ومنهم ياسر الياس ومسفر القحطاني ومحمد نامي وخالد العنقري وعبد العزيز العبد السلام وياسر الشهراني. الاتحاد يعاني عانى نادي الاتحاد من معضلة الظهير الأيمن لسنوات عديدة وتحديداً بعد رحيل احمد الدوخي الذي لم يعد مؤثراً في الفريق لكبر سنة وواجه الاتحاد مشكلة وعجز عن سد هذا الثقب، على الرغم من تعاقده مع اللاعبين راشد الرهيب وعبدالمطلب الطريدي إلا أن الاول طاردته لعنة الاصابات واصبحت مشاركاته معدودة فيما الطريدي لم تكن تجربته موفقة إطلاقاًمما دعا الفريق في مواسم سابقة أن يعتمد على اسامة المولد وعبيد الشمراني ومحمد سالم في هذا المركز لسد النقص ولعدم توفر البديل حتى اضحت المشكلة من اسباب ضعف الفريق داخل المستطيل الاخضر، ولهذا سارعت الإدارة الحالية وأعادت حساباتها في هذا الجانب وتعاقدت في الفترة الماضية مع ثلاثة لاعبين في خانة الظهير الايمن وهم سعيد المولد وعوض خريص وفيصل الخراع وهذا يؤكد أن الفجوة كبيرة. الكل ظهير شهدت قائمة النصر في العديد من المباريات مشاركة أكثر من اسم في مركز الظهير الأيمن في غير مراكزهم الاصلية، فقد استعان بإشراك قلب الدفاع عمر هوساوي ولاعبي الوسط عوض خميس وشايع شراحيلي لتعويض غياب خالد الغامدي وفي حالات اخرى يكون لقناعات فنية وقد اجبر المدربين الذي اشرفوا على الفريق النصراوي على الاعتماد بلاعبين اخرين في الظهير الايمن بالرغم ان إدارة النصر صرفت الملايين للتعاقد والتجديد مع خالد الغامدي وايضاً وقعت بداية الموسم الحالي مع لاعب الفيصلي ياسين برناوي واعارته للقادسية على الرغم أن الفريق تنتظره منافسات وبطولات كثيرة وتتطلب وجود أكثر من لاعب في نفس الخانة حتى لا يتضرر الفريق وتصبح هذه الخانة نقطة ضعف واضحة، فاللاعب غير المتخصص في هذا المركز لن يفيد المجموعة وسيكون سلبياً على اداء الفريق. الأهلي في مأزق لم يكن الاهلي افضل حالاً من بقية الأندية فقد تعاقد مع اكثر من لاعب في الظهير الايمن في المواسم الماضية، وأصبح في كل فترة من فترات الانتقالات المسموحة للاعبين يتصدر المشهد في التعاقد مع ظهير أيمن مما اجبر الإدارة على تخصيص ميزانية خاصة لهذا المركز كان آخرها التعاقد مع لاعب الاتفاق علي الزبيدي في صفقة تخطت حاجز ال 20 مليون ريال، وكانت للزبيدي تجربة سابقة بعدما جاء للاهلي بنظام الإعارة بعد الاستغناء عن ابراهيم هزازي وكامل المر؛ وفي المقابل اشرك اللاعب عقيل بلغيث في هذا المركز وهو في الاصل يلعب كقلب دفاع وايضاً لعب مصطفى بصاص في اغلب المباريات وهو لاعب وسط، وتلك المعطيات تؤكد أن المعضلة لم تكن مختصرة على نادي بعينه بل على معظم الاندية السعودية بشكل عام وتحديداً الاندية الكبيرة والمنافسة على البطولات. العنزي: المشكلة في الفكر الإداري وتحدث "للميدان" المدرب الوطني والمحلل الفني نايف العنزي حول هذا الموضوع، حيث عزى مشكلة غياب الظهير الايمن المميز في الكرة السعودية لسنوات عديدة لعدة اسباب ومنها ثقافة مسيري الأندية في الاهتمام وتسليط الضوء على المهاجمين ولاعبي الوسط دون رعاية المراكز الاخرى والتي من اهمها الاظهرة وتحديداً الظهير الايمن الغائب لسنوات عن خارطة الكرة السعودية، إذ لا تكترث معظم الأندية في تعاقداتها أو حرصها في الفئات السنية على الظهير الايمن فترى ان اي لاعب بإمكانه اللعب كظهير أيمن وقد شاهدنا اندية كثيرة ومنها للأسف اندية كبيرة ومنافسة تعتمد على لاعبي الوسط وقلوب الدفاع في هذا المركز وهذا خطأ فني كبير ويضر تركيبة الفريق ولا يعزز من قوته، فالظهير له مواصفات خاصة كالسرعة واللياقة العالية وتوزيع المجهود في التقدم والتراجع واللعب برتم واحد دفاعياً وهجومياً والمساندة الفعالة في الهجوم وتنويع العرضيات وجميع هذا الصفات لا تتوفر في اللاعبين السعوديين في هذا الوقت سوى لاعب او لاعبين فقط. وأضاف العنزي: غالباً الأندية تبحث عن اللاعب الجاهز ولا تحرص على الاهتمام في فئاتها السنية وثمة مشكلة اخرى وهي عدم اعطاء اللاعب الفرصة الكاملة، فالخبرة لدى اللاعب والنجومية لا يمكن ان تأتي الا من خلال اخذ الفرصة كاملة بمنحه الثقة المطلقة حتى يقدم ما تأمله منه وعدم الاستعجال في الحكم على اللاعب، وعلى الجميع ان يفهم أن إمكانيات اللاعب تتطور من مباراة إلى اخرى وايضاً العوامل الاخرى تؤثر على مستوى اللاعبين، فالاستقرار الفني مفقود في جميع الأندية السعودية، وهنا مشكلة اخرى في تغيير الطريقة والمدارس الفنية تؤثر بشكل مباشر على مستوى اللاعب بالاضافة لتكتيك المدربين قد يكون سبباً في بروز لاعب وابعاد لاعب آخر، وأنصح جميع الأندية بالاستقرار الفني والاهتمام بالمراحل السنية. وزاد ايضاً: فائدة الفئات السنية في الأندية معدومة ولم نلحظ اي ظهير سعودي برز في العشر السنوات الماضية حتى اكاديميات الاندية وعلى سبيل المثال اكاديمية الاهلي لم تخرج لاعبين على مستوى عال حتى اللاعب القضية سعيد المولد لم يصل لمستوى الظهير العصري ولا تتوفر فيه الامكانيات المطلوبه في الظهير. وأنا احمل المسؤولية كاملة إلى إدارات الأندية التي تبحث عن انجاز سريع وثم تغادر ولا تهتم لمستقبل النادي الذي ينعكس على مستوى المنتخب السعودي، وشاهدنا الاخفاقات المتكررة في المنتخبات السعودية بكافة فئاتها. وطالب العنزي بضرورة تشكيل هيئة فنية استشارية في جميع الأندية تضم مدربين ولاعبين سابقين متخصصين في مجال كرة القدم للاستفادة من خبراتهم في هذا الجانب وتستمر اللجنة بشكل دائم ولا تتأثر باستقالة الإدارة، مثلما يحدث في قطاعات اخرى؛ وتكون مهمة اللجنة متابعة الفريق والاهتمام في الفئات السنية وتعمل على تجهيز اللاعبين وتطويرهم وتوفير كافة احتياجات الفريق دون التدخل في عمل المدرب بل دورهم يقتصر على الاستشارة الفنية وتقديم النصائح للمدرب ولرئيس النادي وهذا سينعكس على تطور الكرة السعودية بوجه عام. كميخ: إدارات الأندية السبب أطلق المدرب الوطني علي كميخ على هذه المشكلة أنها ليست أزمة بمعنى الكلمة في الكرة السعودية، فالمواهب موجودة ومتعددة ولكن القصور يحدث من إدارات الاندية في عدم البحث عن اللاعبين ومنحهم الفرصة، والمصيبة الكبرى أن إدارات الاندية تتعاقد مع لاعبين دون الحاجة لهم وتبعد لاعبين وهي بحاجة لهم مثل ماحدث مع النصر كسبيل المثال لا الحصر عندما تعاقد مع الظهير الايمن ياسين برناوي وبعدها بأيام انتقل للقادسية، في المقابل نجد أن الفريق النصراوي لا يملك سوى خالد الغامدي في الظهير الايمن مما جعل خانة الظهير نقطة ضعف واضحة في خطوط الفريق، وشاهدنا المدرب استعان بأكثر من اسم للعب في نفس المركز؛ وهذا يؤكد كلامي أن المشكلة إدارية بحتة. ومضيفاً: على الأندية ان تعي ان هناك مشكلة في قراراتها الفنية وكما ذكرت مثالا عن النصر أذكر الاهلي وقضية سعيد المولد الذي انتهى عقده، ثم تراجع الاهلي في التجديد معه وبسبب الفكر الإداري حدثت هذه المشكلة والتي قد نخسر بسببها لاعبا مميزا يفيد المنتخب السعودي والكرة السعودية، وهذا اجبر إدارة الاهلي على انفاق الملايين للتعاقد مع بديل لسعيد المولد، مع العلم ان هذه المبالغ لو صرفت على اكتشاف وتطوير وصقل المواهب الموجودة في الفئات السنية ورعايتها والاهتمام باللاعبين الصغار لحققت الفائدة المرجوة وصنعت جيلا كرويا عالي المستوى يخدم لفترات قد تمتد لعشرات السنين وزاد كميخ: إدارات الاندية تكون حريصة على البطولات في السنوات الاولى من رئاستها لذا تكون التعاقدات الكبرى مع مهاجمي ولاعبي الوسط وتغفل جانبا مهما وهو الاظهرة وتحديداً الظهير الايمن، كما لا تراعي بدرجة كبيرة أهمية الفئات السنية والتي غالباً ما تكون مهمشة في الاندية على الرغم من أن فئات الناشئين والشباب هي النواة الحقيقية للنادي لخلق جيل كروي مؤسس تأسيسا جيدا يعرف مهامه وواجباته وأدواره في الملعب، الامر الذي ينعكس على تطور الكرة السعودية مستقبلاً. محمد شليه