في حقيقة الأمر، يمكن تشبيه المعنيين بشؤون رياضة الوطن برجلٍ ثريٍّ توفاه الله بعد أن جمع من الثروات الشيء الكثير، وجاء أبناؤه من بعده ولم يحسنوا الاستفادة من تلك الثروة، بل بدّدوها حتى انتهت، ولم يبقَ منها شيءٌ؛ ربما لجهلهم أو لقلة معرفتهم أو لاستهتارهم وحبّهم للهو وشغفهم بملذات الحياة. رياضتنا هي حالها كحال هذا الثري، ومَن جاؤوا بعد فترة التأسيس والبناء وصنع الإنجازات فشلوا في المحافظة على تلك الإنجازات، واستمر الوضع في هبوطٍ مستمرٍّ على كافة المستويات، إدارياً وفنياً، والأسباب تكاد تكون واضحةً ومفهومةً لمن يرغب في الاهتمام بالأمر وتعديل الحال، لكن طالما هذا الإحساس غائبٌ، واستشعار أهمية كل مرحلةٍ في قطاعٍ مهمٍّ وحساسٍ يهمُّ شباب الوطن لن يكون هناك أيّ تقدمٍ، بل ستستمر رياضتنا من سيئ إلى أسوأ. لن أخوض في الماضي البعيد، ولن أذكر كم مضى على آخر بطولةٍ آسيويةٍ حصلت عليها منتخباتنا على كافة درجاتها، ولن أفتح باباً لسؤالٍ عريضٍ مفاده: ماذا قدّم لنا الاحتراف؟ ولن أتحدث عن الاستثمار في الرياضة، ولن أقحم المستفيدين من ثروات الدولة دون أن يقدموا لرياضتنا كعملٍ وطنيٍّ ما يفيدها، ولكن سأتحدث عن آخر إخفاقٍ أصاب رياضة الوطن، وهو خروج منتخبنا الأولمبي من بطولة كأس آسيا الأخيرة تحت 23 سنة، وعلى ضوء هذا الخروج لن نتمكن من المشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016م، وعلى ضوئه سنقيس ما يحدث لرياضتنا بسبب الفكر الخاوي المتخبط، وعدم القدرة على خلق مناخ عملٍ مناسبٍ يتوافق مع المرحلة وأهميتها لدولةٍ يليق بها التميز. الرياضة عنوان لأيّ بلدٍ في العالم، ومتى ما كانت هذه الرياضة تحقق نتائج جيدةً سيحقّ لها التمثيل في كل المحافل المهمة رياضياً على مستوى العالم، وستكون النظرة حينها مختلفةً، وسيفهم مَن يحاربنا خارجياً أننا شعبٌ مسالمٌ نهتمّ بالتطوير، ولدينا رغبةٌ كبيرةٌ في مشاركة العالم في كل شيءٍ ومنافستهم، فبهذا نقدم أنفسنا بالشكل اللائق، لذا مَن ضيعوا حلم الصعود والمشاركة في أولمبياد 2016م في ريو دي جانيرو يجب أن يخضعوا للمحاسبة، وإن كانت مصلحة رياضة الوطن تعني لهم شيئاً يتقدموا فوراً باستقالتهم، وترك مكانهم لغيرهم، لربما يخرج من بين الصفوف مَن يتحمل المسؤولية، ويسعى جاهداً لإحداث التغيير المنتظر على كافة المستويات، فليس من المعقول أن لا يوجد مَن يملك تلك القدرات، فالفكر البشري السعودي ليس محصوراً على أناس معينين لا يوجد غيرهم في الاتحادات الرياضية، ففي رعاية الشباب أناسٌ قدموا كل ما يستطيعون، ولا أظنّ أن لديهم ما يقدمونه وواقعهم يحكي حقيقةً مرةً؛ لأنهم تركوا المصلحة العامة والتفتوا إلى مصالحهم الخاصة. لم تعد الاعتذارات تفيد الوطن ولا إعلانات تحمل المسؤولية التي تحضر مع كل إخفاقٍ صارت تقنعنا، نريد عملاً نبحث من خلاله عن نتائج إيجابية، سئمنا من الإخفاقات ولم تعد لدينا رغبةٌ في متابعة رياضتنا وهي تحتضر، لدينا كمية إحباطاتٍ ضخمةٍ جداً، نبحث معها عمّن يزرع بذرة الأمل حتى نتفاءل بالمستقبل. صدقوني.. هذا الوطن يستحق أن نضحي من أجله، وأن نترك كل شيءٍ من أجله، ولا نفكر إلا في رُقيّه وصنع أمجاده... فهل هذا كثيرٌ عليه؟!! لكل أعضاء اتحاد الكرة، ولكل مَن يستفيدون من الدولة ولا يقدمون ما يفيدها: ارحلوا.. اتركوا مكانكم فوراً... لدينا وطنٌ يبحث عن مستقبلٍ أجمل... أفلا تفعلون وترحلون من أجله...!! دمتم بخير،،،