تلاحق واشنطن هيئات وشركات منخرطة في دعم مشروع الصواريخ الإيراني، ترسم خريطة معقّدة لشبكة إيرانية دولية لتضليل المراقبة، وتستورد مواد محظورة على إيران بقرارات دولية ومنها القرار 1929 الذي يمنع إيران من الحصول على تكنولوجيا الصواريخ، فيما وصف محللون سياسيون العقوبات الامريكية ب «الضياع والتخبط إزاء إيران». فقد أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية العقوبات على 11 شخصاً ومؤسسة بعدما خرج المحتجزون الأمريكيون الثلاثة من الأجواء الإيرانية الأحد، وبعد رفع العقوبات المتعلقة بالمشروع النووي. وطالت العقوبات شركة «مبروكة ترايدينغ» ومقرّها الإمارات، ولها نشاطات في الصين أيضاً، واتهمتها الحكومة الأمريكية بتوفير مواد لمشروع الصواريخ، ومن ضمنها «مواد حساسة» عن طريق شركات «واجهة» في بلد ثالث ومهمتها تضليل المنتجين الأجانب لهذه المواد. كما فرضت وزارة الخزانة عقوبات على خمسة أشخاص، أولهم هو «حسين بور نقشبند» وهو مالك شركة «مبروكة ترايدينغ»، وقال بيان وزارة الخزانة الأمريكية إنه قدّم الدعم المالي والتقني والتسهيلات ومادة «الفايبر كاربون» لمؤسسة «نفيد» الإيرانية، وهي منخرطة في دعم مشروع الصواريخ الإيراني. وفرضت عقوبات على الصيني «مينغ فو شين» وشركته المقيمة في هونغ كونغ، ورحيم رضا فرغداني وشركته «كانديد جنرال ترايدينغ» في الإمارات، بتهمة توفير مواد ودعم ومساعدات لمشروع الصواريخ الإيرانية. وتمر المواد من هاتين الشركتين عن طريق شركة مبروكة، وتصل كلها إلى شركة «نفيد» الإيرانية، وبذلك ترتسم خريطة معقّدة لشبكة إيرانية دولية تعمل على تضليل عمليات المراقبة، وتقوم باستيراد مواد محظورة على إيران لقرارات دولية ومنها القرار 1929 ويمنع حصول إيران على تكنولوجيا الصواريخ. وفرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على إيرانيين يعملون لحساب الحكومة الإيرانية، أولهم «سيّد جواد موسوي» ويعمل لحساب شركة إيرانية تابعة لمؤسسة الصناعات الفضائية الإيرانية، المملوكة للقوات المسلحة الإيرانية، وقد عمل موسوي مع حكومة كوريا الشمالية لاستيراد قطع تستعمل في تجارب الصواريخ. بالإضافة إلى موسوي لحقت العقوبات برئيس الشركة التي يعمل لديها وهو «سيد مير أحمد نوشين»، وهو مدير «مجموعة شهيد حمّت الصناعية»، وكذلك «سيد مهدي فرحي» نائب رئيس القطاع اللوجستي في وزارة الدفاع الإيرانية، وزميله «سيد محمد هاشمي»، وذكرت لائحة العقوبات ان «فرحي ونوشين كانا مهمّين في تطوير محرك الدفع لصاروخ من وزن 80 طناً وسافرا إلى بيونغ يانغ خلال المفاوضات». ولحقت العقوبات أيضاً بمسؤول إيراني آخر هو «مرتضى اخلاغي قطبشي»، وكانت الخزانة الأمريكية عاقبته لنشاطات مماثلة في العام 2008، وهذا يثبت إلى حدّ كبير أن المسؤولين الإيرانيين وعلى رغم فرض العقوبات عليهم، لم يتوقفوا عن متابعة نشاطاتهم، فالعقوبات تمنع بشكل خاص الأمريكيين من التعامل مع هؤلاء الأشخاص، وهذا نادراً ما يحدث، كما تفرض العقوبات حجزاً على أملاك وأموال هؤلاء الأشخاص التي بحوزة المصارف أو المؤسسات الأمريكية، وهذا أيضاً نادراً ما يحصل. الازدواجية الامريكية ويصف محللون سياسيون العقوبات الامريكية ب «الضياع الأمريكي والتخبط إزاء إيران»، فيما يرى البعض الآخر ان الرئيس الامريكي باراك اوباما «يحاول اظهار ان قراره الذي اتخذه في حل المسألة مع ايران كان صائباً لذلك يتمسك ببعض العقوبات وربما عقوبات اضافية مقابل التسهيلات والايجابيات الكثيرة الاخرى وأبرزها الافراج عن عشرات مليارات الدولارات لإيران». واسف عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار نوفل ضو في تصريح ل «اليوم» كون «السياسة الامريكية منذ زمن في المنطقة تتصف بكثير من الازدواجية ومن الضياع»، مشدداً على ان «هناك شيئا من الضياع والتخبط تحديداً إزاء إيران»، لافتاً الى ان «الولايات المتحدةالامريكية تعمل بالتقسيط في موضوع إيران فهي من جهة تنفذ الاتفاق الذي تم التوصل اليه فيما خص الاتفاق النووي وفي الوقت ذاته تفرض عقوبات جديدة في خصوص الصواريخ البالستية، فهذه السياسة تعكس ايضاً ان ايران ذاتها تعتمد ازدواجية فهي تحاول بعدما ادى الاتفاق مع الولايات المتحدةالامريكية والغرب الى حرمانها من القدرة على تصنيع سلاح نووي على الاقل في المرحلة القريبة المقبلة، انتقلت الى محاولة تحقيق التوازن والتفوق الذي كانت تسعى اليه من خلال السلاح التقليدي والصواريخ البعيدة المدى». وقال: «لذلك فالولايات المتحدة الان باتت تشعر بأن إيران ليست جدية في موضوع ضبط نفسها داخل حدودها ومن خلال مجموعة تصرفات ايرانية حصلت في اليمن أو في البحرين أو العراق أو في لبنان أو سوريا وفي كل المنطقة العربية، من الواضح ان ايران لا تريد من خلال التوصل الى الاتفاق النووي ان تضبط نفسها وينحصر نفوذها داخل حدودها وإنما لا تزال تبحث عن طريقة للتدخل في شؤون الدول القريبة المجاورة وتبحث ايضاً عن طريقة من خلال الصواريخ البالستية للتعويض عن النقص الاستراتيجي الذي ادى اليه حرمانها من الموضوع النووي». وحول كلام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن الشراكة مع ايران وفرض عقوبات عليها في آن، أوضح ضو ان «ما قاله كيري يعبر عن رغبة الولايات المتحدة أو امله أو تطلعاتها، المشكلة ليست فيما تريده الولايات المتحدة بل المشكلة في ما تخطط له ايران ومشكلة الجمهورية الاسلامية منذ قيامها انها تسعى دائماً الى تنفيذ بند أساسي من بنود الثورة التي حصلت في نهاية السبعينات وهو التمدد لبقية الدول من خلال شعار تصدير الثورة والتدخل في شؤون الدول المجاورة». وختم: «عملياً، لا يمكن للمنطقة ان تكون آمنة ومستقرة إذا استمرت إيران في سياستها المعهودة في السعي للتدخل في شؤون الدول والانقلاب على الانظمة ودعم المجموعات المسلحة التي تؤدي الى تقوية نفوذ ايران داخل حدود تلك الدول».