يرى بعض النقاد أن الشخصية الروائية تبدأ متشابهة مع أخرى عشناها في الحياة الواقعية، لكنها لا تلبث أن تذوب في العمل الأدبي حتى تكون كائنات مستقلة لها وجود محدد تنسجم معه وتتحرك به وتعيش بنفسها حتى لو كانت شخصيات خيالية.. ولعلَّ الملاحِظ للشخصيات الروائية في الرواية النسوية العربية تحديدا يرى تشابهها وتماثل ما تدور به من موضوعات تكاد تكون سيريّة متكرّرة لدى الكاتبة نفسها بأكثر من رواية، بخلاف ما يأتي في الروايات التي يكتبها الرجل.. وبعد شوط كبير في التجربة الروائية أتساءل: أما آنَ للكاتبة العربية أن تُخرِج شخصياتها الروائية النسائية بطريقة مختلفة وإن صممت على استعمال الفكرة نفسها: انهزامياتها المتكررة عاطفيا؟! إنه لأمر مؤلم أن أرى الرواية العربية النسائية تتحول لسيرة شخصية لامرأة مهزومة.. فتحدّي الرجل «أدبيا» ليس بالبكاء، بل بترك الواقع والسباحة بالخيال كما يفعل، ولأقصى درجة من الغوص والسباحة، حتى لو خرجت الكاتبةُ من الخيال رجلا! ومع ذلك لا أمانع الفكرة، فأنا أربأ بكِ- يا من تظنين نفسك كاتبة- من تكرار الأفكار نفسها بالطريقة نفسها في اللغة وفي التقنيات حتى انتحلتِ شخصية غيرك من الكاتبات اللاتي روّجن لهزيمة المرأة ولم يكرسنها إلا للحب أو الجنس.. وانتشرنَ للأسف.. ولذلك تمّ تقليدهن بل واستنساخهنّ لقلة الخيال وتفريغ القهر بكتابة أي شيء يُطبَع ويُباع على ذمة الأدب العربي! بإمكانكِ تكرار هذه الفكرة التي تعشقينها عن المرأة لكن لا تكوني مبتذلة ضحلة التقنيات، أخرجي الفكرة بقالب إبداعي على الأقل.. وعندما تبحِرُ الكاتبة العربية في الشيء حتى تغرق قارئها به دون أن يلمح في العمل نقمة على الذكورية والانهزامية والنزعات الحقوقية، ستنضج بلا شكّ.. لأن الغالبية الآن ما هم إلا مشروع عُقد، وما بين النص وكاتبته بيئة كارثية موبوءة.. يجب أن تموت هذه العلاقة بينهما وينفصل العمل الأدبي ويسمو عن هذا الهراء حتى نرى الرواية العربية تحتل مكانتها التي ظُلمتْ مع رجاء الصانع.