يصادفنا من خلال تجاربنا في الحياة فئات مختلفة من الناس, من طباع وسلوكيات وأخلاق وتعامل, فمنهم طيبو المعشر المتواضعون الذين يتحفوننا بأخلاقهم الجميلة وتعاملهم اللطيف, يراعون الكلمة قبل النطق بها ويتفانون لرسم البسمة والسعادة على شفاه من حولهم, يغمروننا بكلماتهم الجميلة الرقراقة التي تفيض بالمدح والثناء حتى ولو كنا لا نستحق كل ذلك, وحتى ولو كانت مجاملة ابتغاء الأجر من عند الله - جل وعلا - ومن أجل رؤية الناس سعيدين مسرورين, يؤثرون الآخرين على أنفسهم ويتخذون من أخلاق الرسول الكريم (صلى الله عليه واله وصحبه وسلم) مثالا لهم, هؤلاء هم الذين يظلون ساكنين في قلوبننا ولا ننساهم ما حيينا أبدا, ذكراهم تعطر الآذان وتنعش القلوب وتجبرنا على الثناء عليهم والدعاء لهم إن كانوا قد غادروا الى رحمة الله. وفي الجانب الآخر نصادف في حياتنا أناسا أخلاقهم تنضح بما في نفوسهم من حقد وغل وكراهية , تشمئز النفوس عند ذكرهم وتقشعر الابدان من فظاعة أفعالهم وسوء أخلاقهم وتعاملهم مع الناس, ومن ردود أفعالهم السيئة مع من أحسن لهم, ويندرج تحت هذه الفئة من الناس المتسلقون الذين يحترفون سرقة جهود الآخرين ويسلطون الاضواء على انفسهم, يجيدون الدعاية لانفسهم ويعملون كل شيء يؤدي الى علو شأنهم ووصولهم الى المناصب العليا. إنهم اناس محترفون يظهرون في أماكن النجاح وأوقات الفوز ليخطفوا الاضواء من أصحاب الجهد الحقيقيين الذين بذلوا الكثير من الوقت وضحوا براحتهم. إنهم اناس يحسنون الكلام .. بائعو كلام.. يجيدون الصيد في الماء العكر , يحبون أن يشاهدوا التصفيق والمدح والثناء لهم فقط مع أنهم لم يبذلوا أي مجهود, فيتملك الانسان المسروق جهده شعور بالغضب والالم والظلم, فقد سرقت الاضواء منه وهو الذي يستحقها وبجدارة لتذهب للآخر, ولا يوجد أدنى شك في أن أصحاب الجهد الحقيقيين أولى بالاحتفاء والتكريم. وليحذر أخي القارئ ، وأختي القارئة من هذا النوع من السلوك الذي يعد ظلما للآخرين، فعلينا أن ننسب الاعمال والافكار والانجازات الى أصحابها , لا تسرق نجاحات الآخرين فهي ليست لك. إنه فشل أخلاقي .. اغفال ذكر أصحاب الفضل نوع من السرقة والكذب وعلينا الاقرار بفضل الآخر وعدم نسبه لانفسنا، سواء كان طالبا لدينا أو موظفا أو زوجة أو خادمة أو قريبا أو صديقا. إن الاعتراف بفضل الآخرين وذكره لهم وشكرهم عليه يريح النفس ويعطينا شعورا بالرضا، ويحسن العلاقة بين افراد المجتمع من أهل واقارب وأصدقاء ورؤساء ومرؤوسين, وعلينا ان ندافع عن حقوقنا وعلى الاعمال والجهد الذي نبذله ونعرف كيف نحافظ عليه لنضمن عدم سرقته وسرقة التكريم والمدح والثناء والتصفيق، لانه ظلم يوجع النفوس، وينفر من السارق، ويولد العداوة والكراهية.