لا أزال على قناعة كبيرة بأن برنامج التحول الوطني إذا تجاوز العتبات البيروقراطية وقفز على البطء في المعالجات التنموية سيكون منطلقا منهجيا للدخول في آفاق جديدة لكل مشروعات التنمية البشرية والطبيعية والخدماتية، وهو في تقديري استيعاب مركز لخطط التنمية الوطنية بحيث ينتقل الاقتصاد الوطني بصورة أكثر علمية إلى برامج عمل واقعية وفعلية أكثر تأثيرا في نمط الحياة والمحافظة على النمط الحالي ومواكبته لمقتضيات التطور من حولنا، ولذلك يمكن أن ندخل مجالات جديدة في التفكير التنموي الذي يعنى بتطوير القدرات واكتشاف الطاقات بصورة براجماتية وتفاعلية مع مطلوبات النمو والازدهار بعيدا عن التنظير والمراوحة في المكان الواحد. يمكن فهم التحول الوطني من خلال ضبط الإنفاق الحكومي من ناحية، وترشيد المشتريات والتحول بها إلى المنتجات الوطنية، إلى جانب توطين كل التقنيات الضرورية للعمل الانتاجي، ويضاف إلى ذلك توطين الوظائف بمنهج متقدم على فكرة السعودة الحالية، وهو إيجابي لصناعة المستقبل ولا يمكن أن ينجح بهياكله ومؤسساته ومبادئه لوحدها وإنما يتطلب توعية اجتماعية واسعة ينبغي أن تقوم بها النخب الاقتصادية والاجتماعية لأنه ينطوي في بداياته على ضغط اقتصادي يجب أن يكون مفهوما ومستوعبا في فكر المواطنين الاقتصادي، وألا يتعاملوا معه كمصدر ضغط في المعيشة لأن الجراحات الكبيرة في الغالب تكون مؤلمة، وطالما أن البرنامج يستهدف تنويع الاقتصاد والدخل الوطني وتعظيم الانتاج فمن الواجب العمل بتكاتف من أجل نجاحه وتسريع نتائجه على أرض الواقع لأنه نهايته. خبراء الاقتصاد متفائلون بالبرنامج، وذلك يدعم فرص نجاحه في تطوير الاقتصاد الوطني وتخليصه من أي عيوب هيكلية أو انتاجية، والخروج من عباءة الاقتصاد الريعي الى التنوع الذي يثري كل القطاعات، فالحكومة في هذا البرنامج تقدم مشروعا لتحسين كفاءة وإنتاجية العاملين في القطاع العام، وكانت قد أطلقت مؤخرا برنامج الملك سلمان لتطوير الموارد البشرية في القطاع العام، وهي مبادرة شاملة ستركز على رفع إنتاجية وكفاءة منسوبي القطاع العام، وفي حال تنفيذ هذه المبادرة بطريقة فعالة، ستقود إلى زيادة الإيرادات غير النفطية لكل ريال ينفق على الأجور، كما تقلل من تكلفة العمالة الزائدة، وهذا الأمر سيؤدي في النهاية إلى تحسين الميزانية غير النفطية للحكومة، وحين نصل مرحلة تعادل وتساو بين الإيرادات النفطية وغير النفطية فإننا حينها نبلغ مستوى طموحا في العملية الانتاجية، ونضمن مستقبلا تنمويا يؤدي فيه الشباب دورا أساسيا في الانتاج وليس الوظائف وحسب.