قدمت المملكة نموذجا حاسما وصارما في محاربة الإرهاب، وأثبتت للعالم أجمع أنها البلد الوحيد الذي يتصدى للإرهاب، ويضعه كله كما ينبغي في سلة واحدة بعيدا عن التصنيف أو التوظيف السياسي كما يحدث من قبل البعض، بحيث يتم وضع الجرم الإرهابي تحت أحكام الله بقطع النظر عن انتماءات المجرم أو طائفته أو قناعاته، وهو ما تم بالفعل في تطبيق العدالة بحق 47 من الإرهابيين ممن أثبت القضاء الشرعي بدرجاته المتعددة إدانتهم، ومن ثم تطبيق حد الحرابة فيهم، ونفذ في عدد من مناطق البلاد، بعد أن استنفدت كل أدوات التقاضي والمرافعات، وأتيحت كل حقوق الدفاع للمتهمين قبل الوصول إلى الحكم النهائي، لتؤكد المملكة بهذا الحكم أمرين اثنين في غاية الوضوح: الأول: أنه لا مساومة على أمن الوطن والمجتمع، ولا مساومة على تطبيق أحكام الله في كل من تثبت إدانته بجرم إرهابي، دون أي اعتبار لا لطائفة ولا لمذهب ولا لفكر، فالاعتبار للجرم ذاته، وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة الداخلية والمتحدث باسم وزارة العدل في مؤتمرهما الصحفي الذي عقد يوم أمس. الثاني: أن قيمة العدالة هي القيمة التي تأسست عليها هذه البلاد منذ الملك المؤسس، وهي معيار استقامة الحياة، وأن جميع من يعيش على هذه الأرض هم متساوون أمام عدالة القضاء. إن يد العدالة الشرعية التي رعتها حكومة هذا الوطن بماء العين، وطبقتها على الجميع، هي التي حولت هذه البلاد إلى واحة أمن وأمان رغم اتساع مساحتها، وانفتاحها بحكم موقعها الديني والسياسي والاقتصادي أمام العالم أجمع، ورغم كل الاستهدافات، وهي التي منحت هذه البلاد احترام كل الشعوب المنصفة الذين تثبت أحكام القضاء السعودي أمامهم كل يوم أنها صارمة في الحق كحد السيف، وكميزان الحق الذي لا يعرف التبخيس أو التطفيف، بخلاف ما يحدث في بعض الدول، والتي فشلت في الوصول ولو إلى تعريف محدد للإرهاب لأنها لا ترى في أي جرم يصب في مصالحها السياسية شيئا من الإرهاب، فالإرهاب هو ما تعارض مع مصالحها وحسب، وهذا ما رفضته المملكة، وسجلت فيه كل نجاحاتها في حرب الإرهاب، لأنها لم تتوان عن مكافحة الأعمال الإرهابية أيا كان مصدرها. ونحن على يقين أنه لو اعتمد العالم منهج عدالة هذه البلاد في مواجهة آفة العصر لما توحش الإرهاب بهذه الصورة، ولما تغول في المجتمعات هنا وهناك، ولتم القضاء عليه بأقل مجهود، لأنه حينذاك سيفقد الغطاء الذي يتلبسه من قبل بعض الأنظمة، وسيبدو عاريا أمام الجميع، تماما كما جردته أحكام القضاء السعودي المنصف من كل أغطيته وأدواته، وأمضت فيه القيادة الحاسمة والعادلة أحكام شرع الله لتطمئن قلوب الجميع إلى أن هذه الواحة الوارفة من الأمن والأمان ستبقى بإذن الله في حفظ الله ورعايته طالما تحققت عدالة مقاصد الشريعة في أحكام القضاء.