نحو مجتمع فاعل يحمل فكراً تنموياً ناضجاً ويعانقُ طموحاً وإصراراً على الوصول لمبتغاه، أصبح الجميع يبحث عن ذاته في خضم أحداثٍ كثيرة, في محاولة لإيجاد طريقٍ سريعٍ للنجاح وهذا ما نفعله نحن في الوقت الراهن، هنا يجب أن نسأل أنفسنا: تُرى ما الذي نحتاجه لنجد هذا الطريق الذي سيُوصلنا لما نريد ؟! وإن وجدناه كيف سنقوم بتهيئته وتعبيده متخطين كل الصعاب والتحديات التي قد نواجِهها ؟! وهل وضعنا غايةً تستحق منا أن نُكابد ونتحمل العناء ؟! إن الإجابة عن هذه الأسئلة تكمن في معرفة ما يُسمى التخطيط الاستراتيجي للذات, ولكي نوجد هذه الاستراتيجية ونسير عليها بشكل حقيقي وفاعل لابد أن توجد لدينا الرغبة والعزيمة والدافع لأن نُخطط لحياتنا ونعرف ونقرر ماذا نريد أن نكون ؟! ليس من السهل على الإنسان أن يخطط لحياته في خليطٍ غير متجانسٍ من التجارب التي مر بها الآخرون من حوله, فقد تُلهمنا رؤية أناسٍ ناجحين لهم أهدافهم الجلية والمحددة التي دونوها وعلقوها أمام أعيُنهم لتصبحَ قنديلاً يستضيئون به وتشهدُ لهم انجازاتهم وتاريخهم الحافل بما قدموا لأنفسهم ولمجتمعهم. وقد نرى من يماطل ويُسوفُ ويتمنى ويرغبُ ولا يتقدم كي يُحقق أول خطوة في طريق أحلامه وأمنياته ليظل عائماً في بحرٍ لا شاطئ له ما يدعونا للحيرة في أمرهم, ولا يمكننا تجاهل تلك الفئة التي تترنحُ بين التفكير المحدود الذي لا يتعدى حدود الجدران التي تحيطهم، وأيضاً عدم وعيهم بما يشهده العالم من منافساتٍ فردية لإثبات الذات فيبعثون لمن حولهم كمية هائلة من تثبيط الهمم وتراخي العزائم. كل هذه المشاهد الخيالية والصور الذهنية تطرأ في مخيلة من يفكر في ذاته ويربطُ تجارب الآخرين بما يرغب هو بفعله ويخطط له ويجب أن نعترف بأنه من الخطأ أن نفعل ذلك ونبني عليه توقعاتنا لمستقبلنا. نعم ليس من السهل أن نُخطط، لكنه ليس من الصعب أيضاً عندما نضع لنا منهجية تبدأ من أين نحنُ من هذا العالم الكبير وما يحدثُ فيه من انجازات البشر بمختلف أعمارهم وجنسياتهم وبغض النظر عن توجهاتهم الفكرية واقتصاد بلادهم, وتنتهي بتحقيقنا رؤيتنا لأنفسنا وما نتمنى أن نكون عليه في المستقبل مستندين على أحلامنا وطموحنا. إن الجهد هنا يكمن في تطويرنا مهاراتنا ومضاعفة طاقتنا وقدراتنا حتى نمتلك أدوات الوصول للنجاح التي قد تُرغمنا على التنازل عن بعض الأمور وجعلها ثانوية والتركيز على الأولويات التي تُساهم في تحقيق ما نُريد. كما أن البحث عن نقاط الضعف في شخصيتنا ومعالجتها سبب من أسباب نجاح التخطيط وعلى النقيض من ذلك فإن تعزيز نقاط القوة التي تمنحنا التميز سيكون ناجعاً جداً، وما التدوين ولملمة الأفكار المتبعثرة في الخيال إلا اثباتُ للذات وأن هناك رغبة حقيقية للتخطيط، لكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن أهدافنا التي سنصيغُها لا يجب أن نهتم بكمها وننسى أنه يمكننا أن نملك سقف أمنياتٍ عاليا جداً يؤهلنا لأن نختار أهدافاً ذات جودةٍ عالية تمثلُ لنا الكيف الذي تستحقه منا الوقت والجهد اللذين سوف يبذلان في التنفيذ. استشارة ذوي الخبرة والبارعين في نفس المجال سيُعيننا على تخطي الكثير من الشكوك والتيقن من أن احتمالية الوقوع في المخاطر ستكون قليلة ويمكن تفاديها وبالأخص حين نُقيم انجازنا خطتنا الاستراتيجية بعد انتهاء كل مرحلة حتى نضمن أننا في المسار الصحيح. فشلنا في أيٍ من مراحل حياتنا قد يكون أكبر احتمال لحدوثه هو فشلُنا في التخطيط لهذه المرحلة، ولكي لا نقع في هذا المأزق يجب أن نخطط التخطيط الجيد، ذلك الذي يُصاحبه عقل ايجابي مفكر يحدد ما يريد تحقيقه ويُركز على ما سيُنجز , وتقوده روح طموحة تستمتع بايجاد الأهداف وتنتظر مستبشرة نتائج تحققها. نحن فقط نحتاج التفاتةً جديةً للتفكير في مصيرنا المستقبلي لنرنو إلى حياةٍ لطالما ابتغيناها بعيداً عن الفوضوية والعشوائية.