على مدى خمس سنوات متتالية، كانت نهاية شهر ديسمبر تشهد دويتشه بانك وهو يتصدر البنوك الكبرى سنويا؛ باعتباره البنك صاحب أكبر التعاملات في مبيعات السندات الأوروبية. ليس الأمر مختلفا هذا العام. مع تسلم جون كريان مهامه مؤخرا كرئيس تنفيذي مشارك وتعهده بتقليص نشاطات المصرفية الاستثمارية، من المتوقع أن دويتشه بانك سوف يتراجع إلى المرتبة الثالثة، خلف بنكي إتش إس بي سي وباركليز. علاوة على ذلك، يشير الاتجاه في ضمان السندات إلى احتمال متضائل بأن أوروبا ستبدأ بأن تشبه الولاياتالمتحدة، حيث يستخدم المقترضون عملية إصدار السندات في أسواق رأس المال لتلبية احتياجاتهم التمويلية بدلا من اللجوء إلى القروض المصرفية. لدى بلومبيرج بيانات الضمان لسوق السندات الأوروبية (بما في ذلك المبيعات الدولية من قبل كل من الشركات والحكومات، لكنها تستثني الاقتراض الحكومي المحلي العادي) الممتدة إلى عام 1999، ولم يكن دويتشه بانك أبدا خارج العشرة الأوائل في أي ربع منذ ذلك الحين. في الأرباع ال 12 منذ عام 2013، كان المصرف الأكثر نشاطا أربع مرات، وفي المرتبة الثانية ثلاث مرات، ولم يصل أبدا لمرتبة أدنى من المكانة الخامسة. لكن في الربع الأخير الذي يوشك على الانتهاء في العام الحالي، يحتل هذا البنك الألماني المركز الحادي عشر. ساعد هذا الركود في خفض مكانة البنك إلى المرتبة الثالثة للعام. تعامل دويتشه بانك مع 551 عملية إصدار للسندات هذا العام، الكمية الأقل منذ عام 2011. ومبلغ 82 مليار يورو (90 مليار دولار) الذي ساعد البنك المقترضين في جمعه هذا العام هو المبلغ الأدنى منذ عام 2002. علاوة على ذلك، ينعكس ذلك الاتجاه في السوق عموما. استطاعت مبيعات السندات الأوروبية أن تجمع فقط 1.71 تريليون يورو هذا العام، المجموع الأدنى منذ عام 2007 الذي سجل مجموعا بلغ 1.6 تريليون يورو، وبعيدا كل البعد عن الرقم القياسي الذي تحقق في عام 2009 والبالغ 2.5 تريليون يورو. كانت المصارف الاستثمارية في أوروبا أبطأ بكثير من نظيراتها في الولاياتالمتحدة في تصويب أوضاعها منذ أزمة الائتمان. وبما أنهم حاولوا متأخرين خفض التكاليف وتحسين الربحية - حيث إنه في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) لوحده، أعلنت المصارف الأوروبية عن أكثر من 30 ألفا تخفيضا في الوظائف، بما في ذلك 11 ألف وظيفة في دويتشه بانك، و15 ألفا في بنك ستاندرد تشارترد و5600 وظيفة في بنك كريدي سويس - فإن هنالك خطرا أن تخسر المنطقة قوتها المصرفية. هذا أمر له شأنه. قد يكون لديك القليل من التعاطف عندما تجد أن المؤسسات، التي يعتبرها كثير منا مسؤولة عن تحول الاقتصاد العالمي إلى حالة الركود، تضطر إلى تقليص أعمالها التجارية. لكن جهود الاتحاد الأوروبي الرامية إلى إقامة اتحاد لأسواق رأس المال هي جهود هامة لبناء سوق أكثر كفاءة للشركات والحكومات من أجل جمع الأموال، التي بدورها ينبغي أن تؤدي إلى المزيد من الاستثمارات، والمزيد من التوظيف ووجود اقتصاد أقوى. إذا انسحبت الشركات مثل دويتشه بانك من الأسواق الرأسمالية، سيصبح العثور على التمويل أمرا شاقا. وهذا شيء ينبغي على المنظمين الأوروبيين أخذه بعين الاعتبار وهم يحاولون حل مشكلة البنوك التي هي "أكبر من أن تفشل"، وذلك عن طريق إرغام المصارف الاستثمارية على تقليص أنشطتها.