اتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير امس روسيا بقتل "مئات المدنيين" والتسبب "بدمار هائل" في سوريا جراء الغارات الجوية التي تشنها على مناطق سكنية، معتبرة ان هذه الضربات قد ترقى إلى حد كونها "جرائم حرب". ونفت موسكو الاتهامات الواردة في تقرير منظمة العفو، موضحة ان لا معطيات متوفرة لديها عن مقتل مدنيين جراء ضرباتها في سوريا، وسقط 40 قتيلا في قصف جوي روسي استهدف سوقا شعبيا في بلدة "بزينة" التابعة لقطاع المرج في الغوطة الشرقية بريف دمشق، ولم تتعرض البلدة للقصف سابقاً، وتعد ملاذاً آمناً لأهالي الغوطة الذين تم تهجيرهم بفعل القصف والمعارك. وقالت منظمة العفو في تقريرها إن "الضربات الجوية الروسية أسفرت عن مقتل مئات المدنيين وتسببت بدمار هائل في مناطق سكنية، حيث أصابت منازل ومسجدا وسوقا مكتظة بالناس بالإضافة إلى مرافق طبية، وذلك في نمط هجمات يُظهر أدلة على وقوع انتهاكات للقانون الدولي الإنساني". وتشن موسكو حملة جوية في سوريا مساندة لقوات النظام منذ 30 سبتمبر، تقول إنها تستهدف تنظيم داعش و"مجموعات ارهابية" اخرى. وتتهمها دول الغرب وفصائل مقاتلة باستهداف المجموعات "المعتدلة" اكثر من تركيزها على المتشددين. وافادت المنظمة -التي تتخذ من لندن مقرا- بأنها وثقت "أدلة تشير إلى استخدام روسيا للذخائر العنقودية المحظورة دوليا والقنابل غير الموجهة في مناطق سكنية مكتظة". وتتطرق المنظمة في تقريرها الى ست هجمات وقعت في محافظات حمص (وسط)، وإدلب (شمال غرب)، وحلب (شمال)، في الفترة الممتدة بين سبتمبر ونوفمبر، مشيرة الى انها تسببت ب"مقتل ما لا يقل عن 200 مدني ونحو 12 مقاتلاً". وقال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المنظمة "يبدو ان بعض الضربات الجوية الروسية اصابت مدنيين او اهدافا مدنية بشكل مباشر (...) وحتى مرافق طبية، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين". وأضاف "مثل هذه الضربات ربما تصل إلى حد جرائم الحرب" مشددا على انه "من المهم للغاية ان يتم إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة في الانتهاكات المشتبه بها". وبحسب التقرير "لم تكن هناك أية اهداف عسكرية او مقاتلين في المحيط المباشر للمناطق التي ضُربت، وهذا يشير إلى أن الهجمات ربما تكون قد شكلت انتهاكا للقانون الدولي الإنساني". ثلاثة صواريخ ويوثق التقرير في إحدى الهجمات اطلاق ثلاثة صواريخ على سوق مزدحم في وسط مدينة اريحا في محافظة إدلب، ما تسبب بمقتل 49 مدنيا. ونقل عن شهود وصفهم "كيف تحول سوق الأحد الذي يعج بالحركة إلى مسرح لمذبحة في ثوان". ويشير التقرير الى مقتل "46 مدنيا، بينهم 32 طفلا و11 امرأة، ممن كانوا يلتمسون ملجأ في طابق التسوية لمبنى سكني طلبا للسلامة في 15 اكتوبر في الغنطو محافظة حمص". وتنفي موسكو التقارير عن مقتل مدنيين جراء ضرباتها الجوية التي تطال محافظات سورية عدة، في اطار مساندتها جيش النظام السوري في عملياته البرية ضد الفصائل المقاتلة. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بسكوف "لا معلومات لدينا عن صحة ما اوردته منظمة العفو الدولية"، موضحا انه ستتم "مناقشة التقرير مع وزارة الدفاع والهيئات الاخرى المعنية". وأوضح مسؤول في وزارة الدفاع الروسية "لم نتلق أية معطيات (حول خسائر بشرية محتملة) منذ 30 سبتمبر"، تاريخ بدء موسكو حملتها الجوية في سوريا. وفي حصيلة جديدة الثلاثاء، اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل 2132 شخصا، يتوزعون بين 710 مدنيين و1422 مقاتلا، جراء الغارات الروسية منذ بدء موسكو حملتها في سوريا قبل اكثر من شهرين. ونددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الاحد بالاستخدام المتزايد للقنابل العنقودية في سوريا في العمليات العسكرية التي تقودها روسيا وقوات النظام ضد الفصائل المقاتلة منذ بدء التدخل الروسي. الكيماوي مجددا وفي جريمة أخرى، قتل خمسة أشخاص على الأقل مساء الثلاثاء، جراء قصف لقوات النظام السوري على مدينة معضمية الشام بريف دمشق بصواريخ محملة بمواد كيماوية. وقال ناشطون من مدينة معضمية الشام: «إن طائرات النظام استهدفت المدينة مساء الثلاثاء بالبراميل المتفجرة، وترافق معها سقوط صواريخ مصدرها مطار المزة العسكري، ليتبين لاحقاً أن الصواريخ محملة بمواد كيماوية ما أدى لمقتل خمسة أشخاص على الفور وسط عدم قدرة الكادر الطبي على معالجتهم». وأشارت مصادر من دمشق لموقع ارا نيوز أنهم "سجلوا 200 حالة إغماء على الأقل، إضافة إلى حالات كثيرة لضيق التنفس تعرض لها سكان من مدينة معضمية الشام نتيجة استهداف المدينة بالسلاح الكيماوي". وبدأ النظام السوري منذ أسابيع محاولات عديدة لاقتحام مدينة معضمية الشام من الجبهة الجنوبية وسط ظروف معيشية غاية في الصعوبة يعيشها السكان نتيجة منع دخول المواد الغذائية إلى المدينة.