توصل باحثون إلى أن ارتفاع منسوب المياه على الأرض يقف وراء التغيرات غير ملحوظة في معدلات دوران الكرة الأرضية، حتى إن لم يكن من الممكن رصدها إلا عبر الاستعانة بالأقمار الصناعية والأساليب الفلكية الأخرى. وأوضح جيري ميتروفيتشا، أستاذ الجيوفيزيكا بجامعة هارفارد، أن جبال الجليد التي تقع على ارتفاعات شاهقة، تعيد توزيع مناسيب المياه من الارتفاعات الهائلة، نحو المناطق المنخفضة حين تذوب، فتبطئ دوران الكرة الأرضية. وأضاف الباحثون إن حركة جبال الجليد والمياه الذائبة تتسبب أيضا في حدوث انحراف طفيف في محور دوران الأرض، أو القطب الشمالي في ظاهرة تعرف باسم "الحيود القطبي"، وفق ما ذكرت رويترز. وقال ميتروفيتشا "تصور متزلجا على الجليد لا يلصق ذراعيه بجسمه بل يلصق واحدة ويحرك الأخرى بزاوية ما فإنه عندئذ يبدأ في التأرجح للأمام وللخلف وهو نفس ما يحدث في حركة الانحراف القطبي". وبحثت الدراسة -التي وردت في دورية (ساينس ادفانسيز)- في معدلات التغير في حركة دوران الكرة الأرضية ومحورها وفقا لارتفاع مناسيب مياه البحار في العالم أبان القرن العشرين بسبب زيادة درجات حرارة الكوكب. وأضاف ميتروفيتشا إن ذوبان الصفائح الجليدية وارتفاع مناسيب مياه البحار أسهما في انحراف محور دوران الأرض أو القطب الشمالي بمعدل يقل عن سنتيمتر واحد في السنة وأدى هذا الذوبان إلى إبطاء حركة دوران الكوكب وزاد من طول اليوم الواحد بواقع نحو جزء من ألف جزء من الثانية خلال القرن العشرين. وقال إن "هذه الآثار الضئيلة" مجرد دليل آخر على النتيجة الواضحة لما أحدثه الإنسان بشأن تغير المناخ على سطح الأرض مشير إلى أن بطء دوران الأرض المسجل لا يمثل خطرا على الكوكب. ومضى يقول إنه إذا ذابت صفائح الجليد القطبية بمعدلات أكبر هذا القرن -وهو نفس ما يتوقع الخبراء حدوثه- فسوف يزيد الأثر على بطء دوران الأرض. من جهتها، حذرت دراسة حديثة من أن ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية، التي تعرف ب"أنتاركتيكا"، قد يتسبب في ارتفاع منسوب البحار إلى ثلاثة أمتار إضافية، وفق ما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أخيرا. وتأتي هذه الدراسة بعد دراسة بحثية نشرت العام الماضي، بقيادة ناسا، وحذرت من أن ظاهرة ذوبان الجليد في القطب الجنوبي وصلت إلى مرحلة لا يمكن وقفها، ما قد يؤدي إلى رفع مستوى سطح البحر بمقدار 1.2 متر. واستعان القائمون على الدراسة الجديدة، التي أجراها باحثون في معهد "بوتسدام" الألماني لأبحاث التغيرات المناخية، بنماذج محاكاة كمبيوترية لتوقع الآثار المحتملة لذوبان الجليد على مدار الأعوام السنتين المقبلة. وتنبأ الباحثون بأن معدل ذوبان الجليد في القطب الجنوبي على النحو الحالي، من شانه أن يدفع القارة إلى وضع حرج يؤدي إلى تفكك الجليد بشكل كامل على المدى الطويل، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع منسوب مياه البحر 3 أمتار على مدار العقود المقبلة.