إنسانيتنا ليست هزلاً، ولذلك يجب علينا احترام العقل الإنساني، فالضحك ليس عماد الأمم، ومع الأسف الشديد انتشرت في السنوات الأخيرة المقاطع الهزلية التي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير جداً، وأخذت حيزاً كبيراً قابلا للازدياد كل يوم، فهي تأخذ أشكالا كثيرة ومتنوعة. ونتيجةً لذلك، ساد وباء الضحك الهستيري في المجتمع بشكل ملحوظ وغريب.. فهل سألنا أنفسنا ما الهدف من وراء ذلك وما هو المضمون وإلى أين النهاية؟ حقاً إنه أمر مؤسف أن نشجع في مجتمعنا الذي يدعو للدين والعلم والثقافة من منطلق القرآن الكريم والسنة النبوية في جعل أناس في منتهى السذاجة والتفاهة من المشاهير، حتى أن بعض الدول الغربية أطلقت عبارة توقفوا عن جعل هؤلاء الحمقى مشاهير (Stop making stupid people famous)، وهذا صحيح فعلى أي أساس نجعل هؤلاء الحمقى يسيرون المجتمع ويؤثرون على تفكيره، ونحن في عصر علم ونهضة وإبداع وإنجاز، فمن الخطأ أن نجعل أمورا تتسم بالسخف والابتذال محور تفكيرنا، إلى هذه الدرجة وصل بنا الفراغ والجمود أن نستسلم لهذه الأمور، والذي غاب عن بالنا أن هذه المقاطع والأفكار التي فيها تؤثر سلباً على التركيز وأهدافنا في هذه الحياة، فهي تجنح لتقليل الذكاء وتصغير العقل وانعدام الحكمة والاتزان، فلكل شيء ضوابط وحدود فالانفلات غير المشروط واللا محكم يجعلنا نتدهور أكثر. فهذه المقاطع الساذجة تؤثر على جميع فئات المجتمع -صغاراً وكباراً- لذلك كيف سنبني مجتمعا قويا ومتماسكا، ونساهم في جعل وطننا عظيما ويصف في مصاف الدول المتقدمة في العالم في جميع المجالات، إذا نحن اخترنا الركون لهؤلاء السذج. فلا بد من أن نتجاهل هؤلاء الأشخاص، ونتوقف عن نشر مقاطعهم، وألا نضيع أوقاتنا على أمور لا هدف لها أو فائدة غير إهدار وقت من ذهب سنحاسب عليه فقد قال الله في كتابه الكريم: «إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولًا» سورة الإسراء آية (36). لذا، فالواقع والحقيقة تقول إننا لن نصنع أمجاد الوطن بالضحك المتواصل لا بالطبع، ولكن حتماً بالعمل المثابر والدؤوب الذي سيجعلنا أناساً عظماء ناضجين لا سذجاً غير واعين بمكانة الإنسانية التي لم تخلق عبثاً لإهدار طاقاتها على الضحك فقط. وقفة: أنا من بني الإنسان سأبني وطني ِ حتماً هدفٌ مرومٌ لن ينال بالهزلِ