في الأدب العربي نوع من القصائد وهو المدائح النبوية التي تميزه عن غيره، وذلك بعد ظهور الإسلام، والقصائد في هذا كثيرة منها البردة الأولى للصحابي الجليل كعب بن زهير وهي التي سارت بها الركبان، ناهيك عن البردة الثانية للبوصيري، ونهج البردة لأمير الشعراء. وكعب بن زهير كان ممن هجوا رسول الله، فطلب النبي إراقة دمه فولى هارباً وله أخ قد أسلم فاستشاره كعب فقال «اذهب إلى رسول الله ثم اعتذر منه وامدحه...» فذهب كعب إلى النبي وأعلن إسلامه وجاء تائبا معتذراً فقال: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول الشاهد من هذا لما أورد كعب البيت الشهير قال: نُبئتُ أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول ولهذا البيت بيت مشابه جدا لكنه في العصر الجاهلي وهو اعتذار النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر فقال في معلقته: نُبئتُ أن أبا قابوسٍ أوعدني ولا قرار على زأر من الأسد فانظر إلى هذا الفرق الشاسع في البيتين، يبين لك بيت النابغة أن الملوك إذا قالوا شيئاً فلا كلام بعده، والانتقام لديهم مقدم على العفو، وفي بيت كعب أن العفو عند رسول الله مأمول وقد هجاه وربما كان من أقذع الهجاء لكن العفو مأمول. رسول الله هو رحمة مهداة إلى البشر، هو قرآن يمشي على الأرض، فهو رمزٌ للإنسانية، كان يدخل عليه أعرابي فيقول أين محمد؟ لم يضع له شيئاً يميزه عن أصحابه، بل ويأكل مع الفقراء والمساكين، ولم تكن له مأدبة خاصة به دون غيره، فهو بحق يستحق المدائح ويقول الشاعر: إن طال شوقُ العالمينَ لبعضهم فالشوق نحوكَ لا يُحاط مداهُ صلّى عليكَ اللهُ ما رُفِع الندا وتحركتْ بالباقياتِ شفاهُ