أسقط الطيران الحربي التركي، صباح أمس، مقاتلة روسية من طراز "سوخوي 21" على الحدود السورية، ما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى التحذير من "عواقب خطيرة" على العلاقات بين البلدين وسوريا". وفيما أفادت وسائل إعلام تركية بأن أحد طياري المقاتلة الروسية، أسره ثوار سوريا، أكدت موسكو ان إحدى مقاتلاتها أسقطت. لكن متحدثين باسم فصائل مقاتلة وناشطين إعلاميين معارضين تحدثوا لوكالة فرانس برس عن مقتل أحد الطيارين الروسيين اللذين سقطا في ريف اللاذقية الشمالي في غرب سوريا. وقد أعلن مسؤول حكومي تركي لوكالة فرانس برس ان تركيا تملك معلومات مفادها ان طياري المقاتلة الروسية التي أسقطتها انقرة الثلاثاء قرب حدودها مع سوريا هما على قيد الحياة، وهي تحاول استعادتهما. وكانت معلومات سابقة أوردتها مصادر قريبة من المعارضة السورية أفادت بأن أحد الطيارين قتله مقاتلون سوريون معارضون فيما لا يزال الطيار الثاني مفقودا. وقال بوتين في مستهل لقائه في سوتشي (جنوبروسيا) مع عاهل الاردن الملك عبد الله الثاني: "بالتأكيد سنحلل كل ما جرى، والأحداث المأساوية التي وقعت (أمس) ستخلف عواقب خطيرة على العلاقات الروسية - التركية". واعتبر أن الخسارة اليوم هي بمثابة "طعنة في الظهر"، معتبرا ان السوخوي لم تكن تشكل خطرا على تركيا حين أسقطت، وأنها كانت تقوم بمهام عسكرية في داخل سوريا على بعد كيلو متر من الحدود التركية. في المقابل، برر رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قرار القوات المسلحة اسقاط الطائرة الروسية، مؤكدا ان من "واجب" تركيا القيام بكل ما بوسعها لحماية حدودها. وقال داود أوغلو : "يجب ان يعلم الجميع بأن من حقنا المعترف به دوليا ومن واجبنا الوطني اتخاذ جميع التدابير اللازمة ضد كل من ينتهك مجالنا الجوي أو حدودنا". وردا على إسقاط الطائرة، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغاء زيارته الرسمية لتركيا التي كانت مقررة اليوم الاربعاء، ونصح مواطني روسيا بعدم السفر الى تركيا التي تستقبل كل عام وفودا كثيرة من السياح الروس. وكان الجيش التركي أعلن ان المقاتلة "سوخوي 24" انتهكت المجال الجوي التركي عشر مرات خلال خمس دقائق وأسقطتها مقاتلتا "اف-16". وقالت الرئاسة التركية : إن "الطائرة .. أسقطت طبقا لقواعد الاشتباك بعدما حلقت في المجال الجوي التركي على الرغم من التحذيرات". وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان : إن "طائرة سوخوي 24 تابعة لسلاح الجو الروسي في سوريا تحطمت اليوم في الاراضي السورية بسبب إطلاق نار من الارض"، وأضافت ان الطائرة "كانت موجودة في المجال الجوي السوري حصرا". وبثت وكالة دوغان للانباء صورا لما قالت : إنها مروحيات روسية تحلق فوق الاراضي السورية في محاولة للبحث عن الطيارين. وقالت مصادر الثوار التركمان : إنهم أسقطوا مروحية روسية كانت تقوم بتمشيط المنطقة بحثا عن الطيارين. وقد طلبت تركيا من حلف شمال الأطلسي عقد اجتماع طارئ لإطلاع "الناتو" على تفاصيل إسقاط المقاتلة السوخوي. وأعلن حلف شمال الاطلسي في وقت سابق انه يتابع "الوضع عن كثب"، وانه "على اتصال مع السلطات التركية". وكتب رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك عبر موقع تويتر "علينا ان نتحلى جميعا بالهدوء" فيما شددت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني على "ضرورة تجنب التصعيد". وبالمثل، دعا وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير أمس الثلاثاء روسياوتركيا الى "الحذر" و"التعقل". وقال شتاينماير : "آمل ان يسود الحذر والتعقل في العاصمتين"، معربا عن تخوفه من "ان يكون بصيص الامل الذي بدأ يظهر (أثناء محادثات في فيينا حول النزاع السوري) في طور التلاشي". لكن المتحدث العسكري الامريكي الكولونيل ستيف وارن، أكد ان المقاتلات التركية حذرت الطائرة الروسية عشر مرات. وقال وارن : "تمكنا من سماع كل ما حدث. هذه (الاتصالات) كانت على قنوات مفتوحة". وقال ردا على سؤال بشأن التحذيرات العشرة التي قالت تركيا انها وجهتها الى الطائرة الروسية التي اتهمتها باختراق اجوائها : "أؤكد هذا الامر". ويأتي هذا الحادث فيما يقوم الطيران الروسي والسوري بحملة ضربات مكثفة ضد أهداف في شمال سوريا. وعبرت الحكومة التركية عن غضبها من حملة الضربات قائلة ان هدفها تعزيز نظام بشار الاسد، وانها أدت الى نزوح الالاف من التركمان السوريين. وأكد متحدثون باسم فصائل الثوار وناشطون إعلاميون معارضون مقتل أحد الطيارين الروسيين اللذين سقطا في ريف اللاذقية الشمالي في غرب سوريا. وقال فادي أحمد متحدث باسم : "الجبهة الساحلية الاولى" أحد الفصائل المقاتلة في ريف اللاذقية الشمالي، "ان الطيار الروسي قتل إثر اطلاق النار عليه اثناء سقوطه بمظلته" في منطقة جبل التركمان. وأوضح عمر الجبلاوي، المتحدث باسم تجمع ثوار سوريا، وهو تجمع إعلامي معني بمتابعة اخبار الفصائل المقاتلة، ان "اللواء العاشر نقل جثة القتيل الروسي الى غرفة عمليات مشتركة بين الفصائل" لم يحدد موقعها. وانطلقت عمليات البحث عن الطيار الروسي الثاني الذي سقط في منطقة حرجية قريبة من مناطق سيطرة النظام في كسب الحدودية بين سورياوتركيا، وفق المصدرين. وتناقلت حسابات تابعة للفصائل المقاتلة على مواقع التواصل الاجتماعي اشرطة فيديو تظهر جثة جندي ملقاة على الارض قالت : إنها تعود للطيار الروسي، ويحيط بها مقاتلون يهتفون "الله اكبر". وفي وقت لاحق، أعلن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن ان "مروحيات روسية تمشط المنطقة الفاصلة بين جبل التركمان (ريف اللاذقية الشمالي) وكسب، وهو المكان الذي يعتقد ان الطيار الروسي الثاني سقط فيه". وحسب عبدالرحمن "دمرت الفصائل المقاتلة بصاروخ من طراز تاو مروحية روسية بعد هبوطها اضطراريا في منطقة تابعة لقوات النظام في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي بعد دقائق عدة على خروج طاقمها المكون من حوالى 12 عنصرا منها". وأوضح عبدالرحمن ان المروحية كانت "تشارك في العمليات العسكرية عند المنطقة الحدودية مع تركيا" وتضررت اثر اصابتها بنيران الفصائل ما اضطرها الى الهبوط. وتستخدم الفصائل المقاتلة في سوريا صواريخ تاو الامريكية الصنع وترى فيها "وسيلة أساسية" في تحديد مصير المعارك مع قوات النظام. وتداولت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر استهداف أحد المقاتلين للمروحية. ويشهد ريف اللاذقية الشمالي منذ ايام عدة معارك عنيفة بين قوات النظام وفصائل الثوار بغطاء كثيف من الطائرات الحربية الروسية.