ثبت من واقع أضابير التحقيقات في الأحداث الارهابية المؤلمة التي وقعت تفاصيلها مؤخرا في العاصمة الفرنسية أن التنظيم الداعشي الارهابي يقف وراءها، وهو الذي وقف وراء عمليات ارهابية سبقت جرائم باريس، وما وقع بعدها أيضا، والمنفذون كما ثبت أثناء التحقيقات الأولية جاؤوا بعد تدريبهم على استخدام أحدث الأسلحة من الأراضي السورية التي تمثل بؤرة ساخنة من جملة بؤر لا تزال ملتهبة في المنطقة. ودعوة وزير الدفاع العراقي التي أطلقها مؤخرا للمجتمع الدولي بأهمية تحركه لتكثيف جهوده ومساعدة بلاده ودعمها للقضاء على التنظيم الداعشي في بلاد الرافدين تبدو دعوة مشروعة ومنطقية، غير أن من الضرورة بمكان أن يعي العالم بأسره أن بؤر التوتر في المنطقة سواء في سوريا أو العراق أو اليمن أو ليبيا أو غيرها من البؤر هي مناخ مناسب لتفريخ الارهابيين في تلك البقاع وغيرها. ويبدو أن دعوة الوزير العراقي ليست الوحيدة أو الأولى من نوعها، فالعالم كله يناشد المجتمع الدولي بضرورة التحرك الجماعي لاحتواء ظاهرة الارهاب واحتواء المنظمات الارهابية ممثلة في داعش وغيرها من المنظمات التي ما زالت تعيث فسادا وخرابا في الأرض، ولا تزال الدول التي تلعب وتمرح فيها تلك المنظمات تصدر الارهاب الى دول العالم كما هو الحال في الحوادث الأليمة التي وقعت في العاصمة الفرنسية مؤخرا. لقد سبقت الدعوة مناشدة صادقة من قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- يحفظه الله- بأهمية تضافر الجهود الدولية لمكافحة الارهاب، وقد دعمت المملكة قيام المركز العالمي الخاص بمكافحة تلك الآفة، وما زالت تناشد المجتمع الدولي بأهمية البحث عن الاستراتيجية الموحدة الدولية المناسبة لملاحقة الارهابيين وتقليم أظافرهم أينما وجدوا، ومحاصرة تلك الظاهرة الشريرة ووقف منابع تمويلها وتجفيفها. ان بؤر التوتر في المنطقة لا تزال مرتعا خصبا لظاهرة الارهاب وتفريخ الارهابيين، ورغم كل المناشدات والنداءات والدعوات الموجهة للمجتمع الدولي بالقضاء على ظاهرة الارهاب من جذورها، الا أن واقع الأمر يفرض على ساسة العالم بأسره الالتفات الى أهمية تسوية النزاعات القائمة في المنطقة سواء في سوريا أو العراق أو الأراضي الفلسطينية المحتلة أو ليبيا أو اليمن أو غيرها من المناطق التي لا تزال مرتعا للارهاب والارهابيين. تسوية تلك النزاعات وانهاؤها بأفضل وأنجع الطرق السياسية أو العسكرية هي المخرج الوحيد لانقاذ العالم من ويلات الارهاب وعمليات أصحابها الذين باعوا ضمائرهم لشياطينهم وأبوا الا اشاعة الفتن والقلاقل والأزمات والحروب وضروب الطائفية المقيتة بين كافة الدول المسالمة المحبة للعدل والحرية والكرامة، والمحبة لبث روح السلام في ربوعها وتجنيبها ويلات تلك العمليات الارهابية ومصائبها. العالم بحاجة لتسوية تلك الأزمات الطاحنة العالقة بأسرع وقت ممكن، وما لم يتم تسويتها بطرق عادلة وصائبة فان موجات الارهاب ستنظل مستمرة وقائمة سواء من منظمة داعش الارهابية أو غيرها، وستظل المنظمات الارهابية تصدر شرورها لكل المجتمعات البشرية دون استثناء، فالخطوة الأساسية والضرورية لاجتثاث تلك الآفة الخبيثة من جذورها هي احتواء الأزمات العالقة في بؤر النزاع في المنطقة وتسويتها كطريقة مثلى للقضاء على الارهاب.