ألقت عمليات باريس الارهابية بظلالها السوداء على قمة العشرين التي اختتمت أعمالها في مدينة أنطاليا التركية يوم أمس، وقد أدان قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – يحفظه الله – تلك الأعمال البربرية الوحشية التي ما زالت تهدد أمن الشعوب واستقرارها وسلامتها وتضرب كل المنجزات الحضارية لكل المجتمعات البشرية في مقتل. ويبدو واضحا للعيان أن خارطة الطريق التي رسمت في قمة أنطاليا تهدف في مجملها لايجاد أفضل الطرق وأمثلها لوضع مرونة اقتصادية دولية تمكن دول العالم من التغلب على أزماتها الاقتصادية العالقة، غير أن من الضرورة بمكان أن تبحث مختلف القمم القادمة والقمم المماثلة لحل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها العالم في مسألة احتواء ظاهرة الارهاب وتقليم أظافر الارهابيين أينما وجدوا. لقد ثبت بما لا يقبل الشك أن ظاهرة الارهاب بتمددها الأخطبوطي تحول دون تمكن دول العالم من البحث عن مشروعاتها الاقتصادية والتغلب على مصاعبها في هذا الشأن المهم بسبب تفشي ظاهرة الارهاب وسريانها في كل مكان، فمن الضرورة بمكان أن تبحث ظاهرة الارهاب وكيفية التغلب عليها في كل قمة واجتماع ومؤتمر دولي أو إقليمي للوصول الى أسرع السبل وأقصرها للحيلولة دون استمرارية تلك الظاهرة المقيتة التي ما زالت تهدد أمن الشعوب وسلامة مواطنيها. صحيح أن قمة العشرين عقدت في ظل ظروف اقتصادية وسياسية حرجة وصعبة تشهدها الكثير من بلدان العالم في الشرق والغرب، غير أن من أهم التوصيات التي خرجت بها القمة توصية تتعلق بمكافحة ظاهرة الارهاب في كل مكان ومواجهة هذا الخطر الداهم الذي أخذ يهدد مصالح الشعوب ويهدد أمنها وسلامتها، فلا يمكن أن تقوم قائمة لاقتصاد منتعش وقوي وسليم وأراضي دول العالم مهددة بالارهاب. إن من الضرورة بمكان في ظل تفشي ظاهرة الارهاب أن يبحث قادة العالم في تسويات سريعة لبؤر التوتر في كثير من الأقطار والأمصار لا سيما في العراق وسوريا، فتلك البؤر هي التي تفرخ الارهابيين وما زالت تمثل مرتعا خصبا لعملياتهم وخططهم الشريرة للنيل من أمن دول العالم وإشاعة الخراب والدمار والفساد فيها، فتسوية النزاعات في تلك البؤر سلميا أو عسكريا كفيلة باحتواء ظاهرة الارهاب ووقف تمددها وزحفها لعديد من دول العالم. ومحاربة التنظيمات الارهابية المتمثلة في داعش والقاعدة والنصرة وحزب الله وغيرها من التنظيمات الارهابية تحولت الى مهمة دولية لا بد من تنفيذ متطلباتها ومستلزماتها، فدول العالم كلها مطالبة اليوم بمحاربة تلك الظاهرة الخطيرة التي ما زالت تهدد شعوب العالم وتهدد اقتصادياتها وتحول دون العمل الجاد لصناعة مستقبل أجيال الشعوب بطريقة سليمة يسودها الأمن والاستقرار والرخاء. وتبدو أهمية تلك المحاربة في اعلان قمة العشرين حيث تصدرت أولويات القمة لا سيما بعد أحداث باريس الشنيعة التي عكست أهمية التصدي لتلك الظاهرة بشكل دولي جماعي، فالارهابيون لا يهددون دولة بعينها ولكنهم يهددون دول العالم بأسرها، وإزاء ذلك فان المكافحة لا بد أن تتحول الى مكافحة جماعية، ولا بد من البحث عن أفضل القنوات المؤدية لاحتواء تلك الظاهرة عبر كل القمم والمؤتمرات والاجتماعات الدولية المهمة.