يدخل رؤساء 20 دولة، والذين يمثلون اقوى اقتصاديات في العالم، اليوم، في القمة المرتقبة بمدينة انطاليا في تركيا لرسم ملامح الاقتصاد في العالم ومواجهة التحديات الاقتصادية، بعد الانكماش في الاقتصاد العالمي، وانخفاض سعر النفط والطلب على السلع، والمتوقع فيها مناقشة دعم النمو العالمي، وتداعيات الرفع المرتقب لأسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة، واستعادة التوازن في الصين، اضافة الى مناقشة الحرب على الإرهاب وأزمة اللاجئين. واكد اقتصاديون ل "اليوم" ان قادة الدول في قمة مجموعة العشرين يسعون في القمة المرتقبة الى فتح آفاق جديدة للاقتصاد العالمي، ورسم سياسات اقتصادية آمنة، وتنسيق السياسة الاقتصادية العالمية. مشيرين الى ان الاحداث في المنطقة ستأخذ نصيبها في القمة ومناقشتها ووضع الحلول الاقتصادية لمواجهتها. وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور محمد السهلاوي: "ان مجموعة العشرين تأتي اهميتها من اهمية الدول في الجانب الاقتصادي، والمملكة دولة محورية في الاقتصاد. والتوترات السياسية التي تطغى على المنطقة تعطي دول مجموعة العشرين اهمية خاصة في مسألة استقرار المنطقة وضمان المقومات الاقتصادية لدول منطقة الشرق الاوسط؛ كونها الموقع الاستراتيجي الذي يضمن استقرار الاقتصاد العالمي. ومما لا شك فيه ان الاوضاع السياسية وقضية المهاجرين الى اوروبا من سوريا ومن افريقيا من المواضيع الملحة التي ممكن ان تناقش في القمة. واهمية القمة تؤكد على وجود ارادة سياسية لمعالجة كل المشاكل الاقتصادية بحكمة وسياسة للوصول الى الاستقرار في الاقتصاد العالمي، ومتوقع من القمة الكثير وايجاد الحلول للقضايا الاقتصادية بمفهوم سياسي دبلوماسي اكثر، والحلول السياسية يجب ان تطغى على المظاهر السائدة في المنطقة، ولا يمكن ان تحل قضايا المنطقة عسكرياً فقط، ولا بد من الاخذ بالاعتبار مصالح كل الاطراف". وقال أستاذ الاقتصاد الدكتور عبدالباري النويهي: "ان قمة العشرين تمثل التقاء اهم قوى اقتصادية في العالم، ويجب التنسيق بين هذه القوى الاقتصادية فيما يتعلق بآفاق النفط والاموال، وهذا التنسيق مطلوب في هذه المرحلة بحكم الوضع الذي يمر به الاقتصاد العالمي من انكماش؛ كنتيجة لانخفاض اسعار البترول وانخفاض الطلب على السلع خصوصاً في الصين، مما يؤثر على الاقتصاد العالمي، وهذا كله يتطلب تنسيقا اكبر بين دول العشرين، والتخفيف من هذا التدهور الاقتصادي. وأوضح الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور حبيب الله تركستاني: "ما تم في القمة العربية اللاتينية سيكون له حضور في قمة مجموعة دول العشرين، على اعتبار ان هذه الدول تشكل قوى اقتصادية، والاهتمام بها يأتي لأهميتها الاقتصادية القادمة، بعد ان كان العالم منصرفا عنها سابقاً وربما كان بعد المسافة احد المعوقات، لكن الآن ومع تطور التقنية اصبحت القدرة على تجاوز هذه العقبة امرا حتميا، ويمكن تحقيقه لما يشهدة من تطور ونمو في العلاقات بين الدول العربية وامريكا اللاتينية، والذي سيفضي الى تكتلات اقتصادية وتكامل وزيادة التجارة البينية بين الدول العربية واللاتينية، وهذا يدعم الاقتصاد الدولي لوجود فرص حقيقية لتحقيق القيمة التنافسية بين الدول، ويعتبر هذا اللقاء من اللقاءات المفيدة للدول. والجانب السياسي مهم، ولا بد من تأمين بيئة الاستثمار حتى تتمكن الدول من العمل فيما بينها في ظل وجود استقرار وامن مطلوب لأي مستثمر واي اقتصاد حتى ينمو، اضافة الى انه لا بد ان تكون هناك مشاركة بين الدول اللاتينية للوصول الى حلول ومفاهمات وتنسيق ومشاركة في جلب الاستقرار للمنطقة، مما يعزز العلاقة بين الدول. ولا شك ان دول امريكا اللاتينية تسعى الى وجود بيئة هادئة قادرة على النمو وتولد الكثير من الفرص الاقتصادية التي تهم اقتصاديات الدول". واضاف "تركستاني" : "ان المأمول من قمة العشرين هو الخروج بتصور بكيفية الخروج من المأزق السياسي في المنطقة العربية والذي ينعكس سلباً على دول مجموعة العشرين، باعتبار وجود لاجئين كثر ومشاكل استقبالهم والتكلفة الاقتصادية لذلك وتأمين اعاشتهم، وكل هذه تكاليف اقتصادية تؤثر على اقتصاديات الدول وارباكها من خلال تواجد تلك الاعداد خاصة في بعض الدول الاوروبية التي تعاني من بطالة، وكل تلك اشكالات وستظل مستمرة اذا بقي الجانب السياسي كما هو، ودول مجموعة العشرين بحاجة الى الامن والاستقرار وتسعى الى ايجاد حلول منصفة وعادلة للشعب السوري وتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة، وقادة الدول حريصون على ان تخرج هذه القمة بتصور جديد يمكن من خلاله الخروج من هذا المأزق، خصوصاً بعد دخول روسيا في سوريا والتي عقدت الموقف اكثر، وكل الاحداث في سوريا ومصر واليمن تنعكس سلباً على المنظمات الدولية ولا بد من ايجاد حلول لهذه القضايا. واعتقد ان دول مجموعة العشرين ساعية في النظر لتحقيق الاستقرار في تلك الدول، والمملكة تنادي منذ زمن بمثل ذلك لمعرفتها بأن الامن الاقتصادي لا يمكن ان يتوفر الا بتوفر الامن السياسي، والذي يقوم على العدل والمساواة". وقال رئيس مجلس إدارة غرفة مكةالمكرمة للتجارة والصناعة ماهر صالح جمال: "ان القمة سيكون فيها تركيز على المواقف السياسية لا سيما فيما يحدث في منطقة الشرق الاوسط، خصوصاً سوريا، والقمة تُعقد في تركيا وهي على بعد مسافة قريبة من سوريا، والاساس في قمم مجموعة دول العشرين مناقشة القضايا الاقتصادية، وفي هذه القمة سيكون الجدل السياسي له دور لانعكاساته الكبيرة على الجانب الاقتصادي خصوصاً دول المنطقة". وتابع "جمال" : "قضية اللاجئين ستناقش، ولكنها ليست بالعبء الاقتصادي الذي يظهره البعض خصوصاً في اوروبا، واعطاء المشكلة اكبر من حجمها له أثر اقتصادي لان حجم الاعانات الموجودة عندهم له اسقف معينة، اضافة الى ان اغلب المهاجرين كثير منهم في اعمار الشباب قد ينخرطوا في الحياة الاجتماعية والعمل، وربما يكون لهم دور ايجابي في الفترة القادمة، والاثر الاكبر ان تُهجر العديد من البشر من بلدانهم وهو العبء الاكبر والدول العربية والاسلامية تتحمل العبء الاكبر من نزوح اللاجئين وليس الدول الاوروبية، واذا استمرت القضية السورية دون حل سيكون لها كلفة اقتصادية كبيرة على الدول خصوصاً العربية". وزاد "جمال" : "عادة ما يتم في قمم العشرين التكامل بين الحكومات والدول وبين القطاع الخاص، وما يناقش في الاجتماعات هو ماذا يمكن ان يحرك القطاع الاقتصادي الخاص او يحميه من مصاعب قد تظهر في الافق، مثل انخفاض اسعار البترول كمؤثر سلبي على كل الدول المنتجة، ولكن في نفس الوقت يساعد في خروج بعض الدول من ازماتها بسبب انخفاض تكلفة الطاقة، وقد يكون احد المحفزات للعديد من الدول التي تعرضت الى ازمات لارتفاع اسعار الطاقة وتعاود نشاطها حتى تتوازن اسعار الطاقة للدول المنتجة والدول المستهلكة". وقال المحلل الاقتصادي علي الزهراني: "ان قمة مجموعة العشرين ستناقش تأثير المشاكل السياسية على الاقتصاد خصوصاً في الشرق الاوسط، والعقبة الاساسية في اجتماع تركيا تتمثل في الاحداث السياسية المتغيرة وتأثيرها على الكثير من الدول في مجموعة العشرين وسيكون لها انعكاسات سلبية من ناحية تأثير الاحداث تلك على ميزانيات الدول في ظل تراجع العملات للعديد من الدول مثل العملة التركية، اضافة الى ان منظمة اليورو تعاني من مشاكل في مديونيات بعض الدول الاوروبية، اضافة الى عمليات التيسير الكمي وتأثيراتها على التوفر للبيئة الاقتصادية.. كل ذلك يوثر بشكل او بآخر، واعتقد ان مجموعة دول العشرين ستحاول الدمج بين العامل السياسي والاقتصادي قدر المستطاع، وستصدر بعض القرارات والتوصيات من القمة وحتى تتحول الى سياسات تستغرق وقتا ليس بسيطاً، وممكن ان تركز على دعم تركيا وبعض دول الاتحاد الاوروبي لمواجهة مشاكل نزوح اللاجئين السوريين، وتسريع معالجة قضية سوريا، وكل ذلك مشاكل اقتصادية بحاجة الى حلول، اضافة الى ان هناك متغيرات اقتصادية في الكثير من الدول، منها في المملكة بانخفاض سعر البترول والذي سوف يسبب ضغوطات على الميزانية، ومساعدة بعض الدول التي تحتاج لدعم في مرحلة معينة وكل التحديات سوف تؤثر على الاحتياطيات وسياسة التمويل، مما يؤثر على الميزانيات، والتأثيرات مرهونة بدرجة كبيرة بالأحداث المستقبلية". السفير السعودي: العالم ينتظر طرح توصيات للإسهام في نمو الاقتصاد العالمي اكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى تركيا الدكتور عادل بن سراج مرداد: إن مشاركة المملكة العربية السعودية في قمة العشرين تأتي في ظل ظروفٍ اقتصاديةٍ وسياسيةٍ حرجة يشهدها العالم الذي ينتظر من القمة أن تطرح توصيات عملية في الشأن الاقتصادي للإسهام في نمو الاقتصاد العالمي وإخراجه من حالة الركود الراهنة، مبيناً أن طرح القمة عددا من الموضوعات السياسية مثل الأزمة في سوريا ومكافحة الإرهاب من شأنه أن يبعث برسالة قوية حول توحد الموقف العالمي حيال مثل هذه القضايا المهمة. وأضاف "مرداد": إن المملكة العربية السعودية ولله الحمد دولة فاعلة ونشطة في الاقتصاد العالمي حيث لديها ما يقرب من ربع احتياطات العالم من النفط وتقوم بدورٍ كبيرٍ في استقرار الاقتصاد العالمي، لذا فإن مشاركتها في قمة العشرين برئاسة خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – هي بمثابة رسالة ثقة واضحة وقوية في اقتصاد المملكة ومكانتها المالية، وفي نفس الوقت رسالة لكل الذين تعالت أصواتهم مؤخراً للتشكيك في هذا الاقتصاد القوي والمتماسك رغم ظروف المنطقة.