هو باحث ومفكر وروائي ولد في 30 يونيو 1958 في مدينة سوهاج بصعيد مصر وانتقل إلى الإسكندرية مع جده وهو طفل صغير ودرس في مدارسها.. حصل على درجة الماجستير ودرجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية ودرجة الأستاذية في الفلسفة وتاريخ العلوم عام 1999. حصل على جائزه البوكر العربية بروايته الشهيرة «عزازيل» ورشحت روايته «النبطي» لبوكر العام الحالي.. (اليوم) التقت بالروائي والباحث يوسف زيدان في هذا الحوار بعد صدور روايته الأخيرة «محال». التصوف والرواية هل يمكن القول إن هناك صلة بين التصوف والرواية من حيث الحكي والشخوص وغيرها؟ وهل ألهمتك كتاباتك ودراساتك عن التصوف استدعاء شخصيات متصوفة كالراهب في عزازيل والعابد في النبطي؟ - بالطبع، هناك صلة قوية يطول الحديث عنها، وتكفى الإشارة إلى أن التصوف قدَّم أدبًا روائيًا شديد الخصوصية، مثل «الغربة الغربية» للسهروردي و»حي بن يقظان» لابن سينا.. فضلًا عن الشعر الصوفي البديع، بأبياته القصار ومطولاته التي بلغت مئات الأبيات فى قصائد ابن الفارض وعبد الكريم الجيلي، وآلاف الأبيات فى شعر جلال الدين الرومي. من هنا، فإن الصلة قوية، وثيقة، ليس فى إطار (القديم) فقط، بل أيضًا بالنسبة لما هو حديث ومعاصر.. والتصوف فى كتاباتي الروائية لم يقتصر على استدعاء شخصيات ذات طابع صوفى، كالراهب هيبا أو «النبطي الكاتب» وإنما تعدى ذلك إلى طبيعة السرد الروائي والحساسية المفرطة تجاه المفردات. كتابك «ملتقى البحرين» لم يلتفت إليه كثيرا ..هل هو نقد أدبي؟ ولماذا كان التركيز على أعمال جمال الغيطاني؟ - هو نوع آخر من النقد الأدبي، ليس معتادًا بالنسبة للقارئ. ولذلك لم ينتشر الكتاب، ولم يطبع كثيرًا. وهو يقدم مجموعة (مرايا) يتجلَّى بصددها النص النقدي مثلما تجلَّى النص الإبداعي: روايةً عند جمال الغيطانى وغيره، وشعرًا عند عديد من الشعراء الذين قدمت فى الكتاب نصوصًا نقدية تقوم بإزاء ما كتبوه، على أمل أن يلتقي البحران (النص الإبداعى- النص النقدى) عند: قارئٍ مبدع قادر على توليد الدلالات. الوسط الثقافي لم يعرف الوسط الثقافي يوسف زيدان بصورة موسعة عبر مؤلفاته وتحقيقاته العديدة في الفلسفة الإسلامية والتصوف والطب العربي وعرفك بصورة رائعة عبر عزازيل.. بماذا تفسر ذلك؟ - اسألي عن ذلك «الوسط الثقافي» فهو الذى يمكن أن يقدم تفسيرًا له.. أما أنا، فلا يشغلني إلا «الكتابة» بحسب ما أراه مناسبًا لأن يُطرح على القارئ. ولذلك مثلًا، أصدرت «اللاهوت العربي» وهو عمل فكري، عقب النجاح الكبير لرواية «عزازيل» وحصولها على جائزة البوكر. ولم أشأ أن أسير على الدرب الذى يفرضه «الوسط الثقافي» ويتوقعه، فالكتابة يجب أن تكون حرة ومحلِّقة، كي تحرر القارئ وتحلِّق به. وهل قادتك هذه التجربة إلى إيجاد طريقة مغايرة لطرح البحوث والتحقيقات تقترب من الفعل الروائي؟ -هذه مجالات وسياقات متعددة: التأليف الروائي، البحوث والدراسات، كتابة المقالات.. وهي قد تتقارب، لكنها لا تتطابق. مرت رواية «ظل الأفعى» في صمت ولم يلتفت إليها النقد كما حازت «عزازيل» على الاهتمام والبوكر ..هل للرؤى الدينية والاعتراضات والاتهامات للرواية عبر بعض المتدينين المسيحين دخل بذلك؟ - بالعكس، لقد تم استقبال «ظل الأفعى» باحتفاء كبير من القراء، ولا تزال تتوالى إلى اليوم.. لكن النقاد سكتوا عنها، لأنها تختلف عما اعتادوه من نصوص روائية، فصرفوا أنظارهم عنها. ولا شأن للعقائد بهذا الأمر. جاذبية العنوان كتاب «كلمات» من الكتب المعرفية الهامة التي كشفت أو أضاءت بعض المسلمات في تاريخنا مثل البطولات الزائفة.. ألم يكن من الممكن اختيار عنوان مختلف وجاذب يسهم في نشر الكتاب؟ وهل يمكن إضاءة بعض هذه الحقائق عبر أعمال روائية مشوقة؟ - الإضاءة والكشف، هدفٌ لكل جهد فكري أو إبداعي سواء كان كتابًا أو رواية أو غير ذلك.. ومسألة «جاذبية العنوان» نسبية! وعلى كل حال، فالكتاب عنوانه كاملًا (كلمات، التقاط الألماس من كلام الناس) وهو عنوان دال على موضوعه. أول الأعمال الروائية «ظل الأفعى» هل من الممكن اعتبارها تمرينًا أوليًا تم تطويره في «عزازيل» من ناحية استخدام فكرة المخطوطات والمعلومات التاريخية في شكل سرد روائي محكم؟ - لا تقلُّ «ظل الأفعى» عمقًا عن غيرها، وهي ليست تدريبًا بقدر ما هي «مغامرة» جامحة لتأسيس نصٍّ روائي عربي، جديد ومختلف عما هو سائد.. ومن الطبيعي أن تختلف كل رواية عن الأخرى فى «هندسة» البناء العام، بصرف النظر عن مسألة «التمرين» هذه. انتاجك في التصوف يقارب الثمانية إصدارات، أيهم في اعتقادك أقدر على تمرير فكرة التصوف الأصيل؟ - هو يقارب عشرين كتابًا، لا ثمانية، وكلها تقدم جوانب متعددة من التجربة (الإنسانية) الثرية فى تراثنا الصوفي.. ولا أعتقد أنه يمكن الاستغناء عن كتاب منها بكتاب آخر. فمن الإبداع الأدبي الصوفي فى الشعر (قصيدة النادرات العينية) إلى النثر (ديوان عبد القادر الجيلاني) إلى الفلسفة الصوفية (الفكر الصوفي عند عبد الكريم الجيلي) .. إلى آخره. الإنتاج الغزير في التصوف والفلسفة وتاريخ الطب وفهرسة المخطوطات هل سيتوقف بعد بدء خط الإنتاج الروائي؟ - أرجو ألا يتوقف. سيرة ذاتية ألم تفكر في كتابة سيرة ذاتية لشخصية متفردة سواء كانت تاريخية أو معاصرة؟ - قال محمود درويش فى مطلع قصيدته «لاعب النرد» ما نصه: مَنْ أنا، لأقول لكم ما أقولُ لكم.. ما حكاية الساعة التي تقضيها في النقاش مع أصدقائك على الفيس بوك؟ - هذه متعةٌ فكرية، وواجب مفروض علىَّ تجاه هؤلاء الأصدقاء، ومحاولة لتعميق الوعى والارتقاء باللغة.. هو فعلٌ محبب إلى نفسي، لا يقل فيما أرى أهمية عن إلقاء المحاضرات وعقد الندوات وكتابة المقالات. ناقشت القراء على الفيس بوك في فكرتك لجعل عام 2012 عاما للمعرفة..هل هناك اقتراحات لتفعيل هذه الفكرة؟ - ما نقوم به الآن هو «التفعيل» لهذا الفكرة.. ولسوف نحرص على مواصلة ذلك، حتى لو جرى الأمر على نطاق ضيق. فالعبرة ليست باتساع مساحة هذه الدعوة، وإنما بعمق الأثر الناشئ عنها. غلاف محال ألم يكن مغايرا بعض الشيء لأغلفة إصداراتك السابقة من حيث اختيار الألوان والتصميم؟ - هي ألوان «النوبة».. وعلى كل حال، فالغلاف من عمل الناشر لا المؤلف، ومن وجهة نظرى فإنني أراه غلافًا بديعًا. لأنه جريء، وغير نمطي، ويشير ضمنًا إلى بدايات الرواية. الصالون الثقافي ليوسف زيدان هل حقق آماله التي أرادها من عقده؟ - لا آمال عندي حتى أحققها.. هي لقاءات أحبها، وتفاعلٌ حقيقي من جمهور واعٍ يهرب من تفاهة الطرح الإعلامي المعاصر للأمور، ويسعى للوصول إلى فهمٍ أعمق بالذات. صورة المرأة صورة المرأة في أعمال يوسف زيدان الروائية لا تأخذ حقها ولا يعاملها الآخرون كما ينبغي لها كإنسان كامل..هل هو انعكاس لصورتها في الواقع؟ - في الواقع، وفي التاريخ أيضًا.. والنص الروائي لا يقوم بتجميل الوقائع الإنسانية، بل يبرزها على نحو برَّاق باللغة، وبالمشاعر، وبالحساسية العالية للمواقف، وبالتجليات المتعددة للشخصيات. مكتبة الأسكندرية ماذا تمثل ليوسف زيدان؟ وهل أنت راضٍ عن تناول مشكلاتها بالاعتصامات؟ هل يجوز إغلاقها لأي سبب في وجه طالبي المعرفة؟ - تمثل أملًا صار ألمًا موجعًا.. وحلمًا صيرته الأيام كابوسًا مريعًا. لا أحب الخوض فى هذا الأمر، فالقلب فيه ما يكفيه من حسرةٍ على الحال الذي وصلت إليه المكتبة. هل هناك شخصية قابلتها على صفحات مخطوطة ما أو في كتاب من الكتب التي حققتها وددت لو قابلتها؟ - كلهم.. لكنهم حاضرون دومًا فى أحلامي المنامية، وفي داخلي عند الصحو. حياتك بين المخطوطات وأمهات الكتب هل تركت جانبا للترفيه؟ أي من المجالات تعتبرها ترفيها؟ - تحليق الروح في الأفق أمام البحر ساعة الفجر.. محاورة الصغار الذين تلمع عيونهم بألق الشغف اللامحدود والتشوق للمعرفة.. الأفكار التي تتوالي على الذهن فى ساعات الصفاء الرقراقة.. أول الحب.. البهجة التي تأتينا أحيانًا فى خارج الكون! هذه كلها مبهجات لا غنى عنها بالنسبة لي، وهي المرفِّه عن ثِقَل الوقت، والمعمِّق له. هل هناك فكرة مشروع رواية يرتبط بثورة 25 يناير 2011؟ - البناء الروائي يرتبط بالهندسة، لا بالوقائع الجارية.. فإن كنت تقصدين (الزمن الروائى) فإنني أرى كل الأزمنة صالحة لأن تكون مسرحًا للإبداع. ما هي مشاريع يوسف زيدان الباحث المستقبلية؟ - كثيرة جدًا.. ويشغلني منها الآن ما أعكف عليه من مقالات (السباعيات) فأعيد كتابتها لتناسب النشر كفصول فى كتاب سيكون عنوانه الكامل: سباعيات التوهُّم والتدين والثورة.