اتفق مؤلف السلام الوطني الإماراتي الدكتور عارف الشيخ، والدكتور عبدالله الشيباني، مؤسس مبادرة «وثيقة الولاء والانتماء»، والملحق الثقافي في الإمارات الدكتور صالح الدوسري على أن الانتماء صفة مكتسبة يكتسبها المواطن من خلال ما يتلقاه منذ تربيته الأولى عن طريق المشاركة في غرس مقومات هذا الاكتساب سواء من الأسرة في المنزل أو المعلم في المدرسة، وهذا التعلم يسير به لا شعورياً إلى مرحلة أهم هي «الوطنية» والانتساب إلى الوطن والمكان، وهنا تكمن العلاقة بين فكر المواطن وعاطفته تجاه تكوين الإحساس الإيجابي بالمحبة التي تعبر حينها عن «الولاء». جاء ذلك في ندوة «فلسفة الولاء بين الفكر والتطبيق.. المصطلح والمضمون» أمس الاول التي أدارها مدير الشئون الثقافية بالملحقية الدكتور محمد المسعودي، واستضافها الصالون الثقافي بالجناح السعودي في معرض الشارقة الدولي للكتاب 34 بحضور نخبة من الضيوف. وأكدت الندوة الحاجة لغرس مقومات الانتماء وصولا إلى الوطنية التي تتضمن الولاء وهو ما أكد أهميته المتحدثون من خلال تشارك الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام في تقوية الشعور بالانتماء وصولاً إلى أمن واستقرار الوطن كهدف أسمى تسعى كل تلك الجهود للوصول إليه. مؤلف السلام الإماراتي الدكتور عارف الشيخ أشار إلى أن وجود الولاء يعني وجود الانتماء، وليس بالضرورة أن يوجد الولاء كلما وجد الانتماء، وهذا يدعو إلى تأكيد دور الأسرة الكبير في غرس قيم الانتماء في نفوس الأطفال حتى نصل إلى الوطنية التي تتضمن الولاء. وتحدث الدكتور عارف عن الرسالة السامية للدين الإسلامي في غرس قيم الولاء في نفوس الأفراد، مستشهداً بغرس هذه القيمة في نفوس الصحابة الذين اجتمعوا تحت لواء واحد وهدف واحد، فهذا بلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي -رضي الله عنهم- جمعهم هذا الولاء الذي هو في الأصل غرس غرسته قيم الإسلام. وأوضح أن الولاء الذي ينادى به اليوم هو موجود في «الدين الحنيف» تؤكده الآية القرآنية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا فرق بين عربي وأعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى)، معتبراً أن الإسلام هو الأساس في غرس مقومات الانتماء والوطنية والولاء. وحذر من العنصرية تجاه هذه القيم، وأكد أن قيم الولاء والوطنية هي من الطاعة التي أمر بها الله تعالى في كتابه الكريم (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وهو ما أكد أن الإسلام قاعدة أساسية لتنمية هذه القيم، وطاعة ولي الأمر هي طاعة تتضمن الولاء القائم على المصلحة العامة. وفي ذات الندوة، قال مؤسس مبادرة «وثيقة الولاء والانتماء» عبدالله الشيباني: إن شعور المواطن بالانتماء هو أهم دعائم استقرار الوطن، وألمح إلى العديد من المؤشرات التي تنمي هذا الشعور من حيث المواطن كالمشاركة في خدمة الوطن، والفخر والاعتزاز به والمحافظة على ممتلكاته، وطاعة ولاة الأمر، ودراسته ونجاحه وطاعته لأسرته وإذكاء روح التنافس لخدمة الوطن. وأكد الشيباني ما اتفقت عليه الندوة من أن الأسرة محطة أساسية لغرس الانتماء وتأتي معها المدرسة لتدعم هذه الخطوة وتنميها وصولاً إلى وطنية صادقة وولاء صادق، كما أكد على دور العمل في دعم هذا الانتماء، والعمل على تحقيق عاطفة قوية بين المواطن ووطنه وصولاً إلى مساحة من الأهداف التي تتحقق لمسيرة تقدم وتنمية الوطن. وأشار إلى أهمية استثمار وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة لإرساء الانتماء والولاء والعمل على تحقيق المواطنة الصالحة، مشيراً إلى أن وثيقة الولاء والانتماء التي ترسخ تلاحم المواطنين في دول الخليج مع ولاة الأمر والقيادات هي استثمار للوسائل الحديثة التي يمكن أن نصل من خلالها للعالم أجمع تؤكد وترسخ تلاحم الأمة حول قيادتها المخلصة وتؤصل مدى الوفاء الخالص بين المواطنين وقيادتهم الوفية وهو نموذج متفرد على خارطة السلام العالمي وتجربة رائدة يجب أن تستفيد منها كل شعوب العالم والدول العربية والإسلامية والصديقة. وفي سياق الندوة، أكد الملحق الثقافي السعودي في الإمارات، الدكتور صالح الدوسري، أن الولاء للوطن يكون باستحضار جوانب العظمة في تاريخه وجوانب الإبداع والتألق في حاضره، موضحاً أن الولاء الحقيقي للوطن يكون حين يرى المرء نفسه جزءا من كل أو جنديًا في جيش أو ترسًا في آلة، محذراً من أن يطغى الاعتزاز بالفردية والشخصية على الاعتزاز بالانتماء إلى ما هو أكبر وأقوى وأعلى وهو «الوطن». وأشار إلى أن هذا الانتماء يظل حبيس الجانب النظري إذا لم تصاحبه خطوات من قِبل هذا الفرد لتعزيز انتمائه، كاشفا عن عناصر الانتماء التي تساهم في تعزيزه ومن ذلك عناصر الهوية الإسلامية كالدين واللغة والعادات والتقاليد التي تظهر في سلوكيات الفرد المنتمي لوطنه. وأكد أن تعزيز الانتماء ينعكس بالتالي على الولاء للقيادة والتأكيد على شرعيتها النابعة من جذور المجتمع الذي يعكس هذه القناعة من خلال سلوكياته من تعزيز الانتماء مرورًا بتجديد الولاء لولاة الأمر. ودعا في آخر حديثه الأسر إلى أن تكون قريبة من أبنائها في هذا الوقت الذي اكتظت فيه وسائل التواصل الاجتماعي واختلفت أهدافها في الوقت الذي استهدفت فيه كل هذه الوسائل الأطفال والمراهقين وصغار السن من الشباب، منوهاً بدور المعلمين والتربويين وكل جهات المجتمع ذات العلاقة في صناعة جيل قادر على منافسة كل هذه التحديات بدعم ولاة الأمر والقادة. تكريم المشاركين نهاية الندوة