أعلنت سابك عن نتائجها المالية الأولية للتسعة أشهر المنتهية بنهاية شهر سبتمبر 2015 والتي جاءت منخفضة بنسبة 17.7% عن الفترة المماثلة من العام 2014. وعلى الرغم من هذا الانخفاض، إلا أن سوق الأسهم تفاعل بشكل إيجابي مع الإعلان، فقد فاقت النتائج توقعات المحللين التي قدرت أرباح الربع الثالث عند 4 مليارات ريال، أي أنها أقل بنحو 1.6 مليار ريال من النتائج المعلنة. توقعات المحللين بنيت على أساس استمرار أعمال الشركة بشكلها الطبيعي مع تخفيض أسعار البيع بنسبة تصل إلى 27%. ولكن سابك تمكنت من رفع هامش أرباحها من المبيعات عن طريق السيطرة على التكاليف. ولكن على الرغم من هذه النتائج المشجعة، نجد أن مبيعات سابك للاثني عشر شهرا الماضية قد انخفضت بشدة بما يقارب 20%. وحتى توقعات المحللين تضع إجمالي مبيعات سابك للعام 2015 عند 152 مليارا مقارنة بنحو 188 مليار ريال في العام 2014 بسبب الانخفاض الكبير في أسعار بيع البتروكيماويات، والذي وصل في بعض المنتجات إلى أكثر من 25% على أساس سنوي. تستخدم سابك لقيمين رئيسيين في عملياتها الصناعية، غاز الإيثان والنافتا. وتحصل سابك على غاز الإيثان بأسعار تفضيلية ثابتة، ولذلك فإن فورة الغاز الصخري الأمريكي التي أدت إلى انهيار أسعار الغاز الطبيعي لن تؤثر على هامش ربحية سابك، إنما يفقدها ميزتها التنافسية بتوفر اللقيم بأسعار منخفضة. على الجانب الآخر، نجد أن تراجع أسعار النافتا قد ساهم في تخفيض تكاليف الانتاج بشكل طفيف. ومع بقاء المصاريف الإدارية والعمومية تحت السيطرة، نجد أن مستقبل سابك يكمن في توسيع استخدام النافتا على حساب الإيثان. فمجال المنافسة في منتجات غاز الإيثان بات ضيقا جدا مع تصاعد وتيرة انتاج الغاز الطبيعي في الصين وأمريكا. ولذلك نجد سابك تمر بمرحلة إعادة هيكلة شاملة لكافة قطاعاتها، تعيد فيها توجيه بوصلة استثماراتها ومنتجاتها بشكل جذري. فاستثمارات سابك العالمية تخضع لتخفيض أعداد موظفيها وإدارة جديد لاستثماراتها بين البلاستيك والبوليميرات من جهة والكيماويات المتخصصة من جهة أخرى. ولكن التحول الأهم في استراتيجية سابك هو في مشروعها لمصنع تحويل النفط إلى كيماويات. مشروع سابك الطموح لتحويل النفط إلى كيماويات ليس إلا ردة فعل على ثورة الغاز الطبيعي وقطاع البتروكيماويات الأمريكي، فهو يستهدف زيادة نصيب لقيم النافتا النفطي على حساب الإيثان. قيمة مشروع تحويل النفط لكيماويات تقدر بأكثر من 30 مليار دولار، نحو 112.5 مليار ريال. وتمثل قيمة المشروع الذي سيتم البت فيه في منتصف العام 2016 نحو 34% من إجمالي أصول سابك، ولذلك فإنه يشكل نقلة نوعية في أعمال الشركة. وقال يوسف البنيان، الرئيس التنفيذي لسابك، إنه في حال مضت سابك قدما بالعمل على هذا المشروع، فسيتم إنتاج الخام (اللقيم) في مدينة ينبع، وستشتريه سابك بسعر السوق. بهذه الطريقة تكون الجدوى الاقتصادية لاستخدام هذا المورد الطبيعي في وضع تنافسي أفضل من استخدام الإيثان كلقيم. بحيث تنتج القيمة المضافة للمشروع من عمليات سابك الصناعية وليس من حصولها على اللقيم بأسعار تفضيلية. ولكن المشروع بحاجة لوقت طويل حتى تبدأ آثاره المالية في الظهور، فمن المتوقع أن يبدأ في الانتاج في العام 2020. التكلفة الكبيرة لمشروع تحويل النفط إلى كيماويات ستجعل من عملية تمويله أكثر صعوبة مع ما يمر به الاقتصاد السعودي من انخفاض في السيولة. ولكن أهميته ملحة بشكل لا يحتمل التأجيل. فاستمرار اعتماد سابك على الحصول على لقيم الغاز بأسعار تفضيلية سيؤثر على قدرتها على التفاعل مع الأزمات الاقتصادية والمناورة في أوضاع سوق أكثر صعوبة. بالإضافة إلى أهمية المشروع للاقتصاد السعودي ككل كونه يعظم من القيمة الاقتصادية لمشتقات النفط. ولذلك أتمنى أن تقوم سابك بإقرار مشروع المصنع في العام القادم حتى تكون لها بصمتها المميزة في عالم البتروكيماويات، عوضا عن النظرة الحالية لها على أنها شركة مستفيدة من أسعار اللقيم التفضيلية فقط.