حققت المملكة نهضة حقيقية في صناعة البتروكيماويات، فمنذ إنشاء سابك في آواخر سبعينات القرن الماضي تتوالى الإنجازات بتحويل الغاز الطبيعي والسوائل البترولية إلى بتروكيماويات تضيف الكثير الى اقتصادنا الوطني، وتساهم في توظيف الشباب السعودي في وظائف مجدية مادياً. وسترفع المملكة طاقتها الانتاجية في مجال البتروكيماويات إلى نحو 100 مليون طن متري سنوياً بما يعادل 10% من الإنتاج العالمي بحلول هذا العام لتصبح ثالث أكبر مصدر للبتروكيماويات على المستوى العالمي. تقدم المملكة حالياً اللقيم للشركات البتروكيماوية بأسعار لا يوجد لها مثيل بالعالم يجعلها في وضع افضل من جميع الشركات العالمية بالنسبة لكلفة اللقيم، وتتفوق حتى على الولاياتالمتحدة في كلفة انتاج البتروكيماويات القائمة حالياً، حيث يعتمد جزء كبير منها على الغاز الصخري المنخفض التكلفة. وقبل ايام اعلنت الشركات البتروكيماوية في المملكة نتائجها المالية للربع الثاني من العام، كان بعضها ضمن المعقول، ولكن خالف بعضها التوقعات. وتعد سابك رابع اكبر شركة بتروكيماوية بالعالم ودرة الصناعات السعودية. ولقد انخفضت ارباح النصف الاول الى حوالي 10 مليارات ريال بعد ان كانت في العام الماضي حوالي 13 ملياراً وفي عام 2013م سجلت 12.5 مليار ريال. وهذا يعني ان الارباح قد انخفضت بحوالي 22% عن العام الماضي، ولا شك ان انخفاض اسعار النفط العالمية وانخفاض اسعار البتروكيماويات تباعاً لذلك كان السبب الرئيس في هذا الانخفاض، مع العلم أن هنالك انخفاضاً في تكلفة المبيعات. والحقيقة ان نتائج الربع الثاني 2015 ل"سابك" قد فاقت التوقعات بتحقيقها صافي ربح بقيمة 6.17 مليار ريال، بفضل كفاءة الإنتاج وحسن التدبير. ويرى الكثيرون ان لسابك خبرة كافية في التعامل مع انخفاض أسعار البترول وذلك عبر المصانع التي تملكها فى اوروبا وامريكا، والتي تعتمد على لقيم ذي تكلفة غير ثابتة، بالإضافة لتنوع منتجاتها والتي تعتمد على لقيم متغير التكلفة. وأعلنت «سابك» توزيع أكثر من 7.5 مليار ريال كأرباح نقدية على مساهمي الشركة عن النصف الأول لعام 2015، بواقع 2.5 ريال للسهم، تمثل 25 بالمائة من القيمة الاسمية للسهم. وأشارت إدارة «سابك» إلى أن تباطؤ النمو الحاصل في الصين لن يؤخر من إنتاج الشركة ولدينا الحلول الاستراتيجية. والجدير بالذكر أن 30 بالمائة من منتجات الشركة تذهب إلى الصين، ولدى سابك عمق استراتيجي في الصين وتعرف احتياجات العملاء وتستطيع التعامل مع التغير بالاسعار. واما بالنسبة لشركة "التصنيع الوطنية" ثاني اكبر شركة بتروكيماوية بالمملكة وضمن اكبر 100 شركة بتروكيماوية بالعالم فقد سجلت خسائر قدرها 440.2 مليون ريال، بنهاية النصف الأول 2015، قياساً بأرباح قدرها 729.1 مليون ريال تم تحقيقها خلال نفس الفترة من عام 2014م. والجدير بالذكر ان 45 بالمائة من إيرادات الشركة تأتي من قطاع البتروكيماويات و45 بالمائة من التيتانيوم والباقي من الصناعات التحويلية. وقد اصابت هذه الخسائر المحللين بالحيرة. وتعتبر المواد البلاستيكية من اهم منتجات الشركة وتحصل الشركة على لقيم الايثان الاستراتيجي المدعوم من الدولة منذ سنين بأسعار منافسة جداً. وفي هذا السياق اشار الرئيس التنفيذي لشركة "التصنيع الوطنية" إلى أن انخفاض أسعار ثاني أوكسيد التيتانيوم الذي وصل إلى القاع هي احد اهم اسباب هذه الخسائر بالاضاقة الى تقييم بعض الأصول بشركة "كريستال" والتي تقدر بحوالي 81 مليون ريال غير أنها خسائر دفترية وليست مالية. وفي الختام يجمع القاصي والداني على دعم الدولة اللا محدود ومنذ عشرات السنين للصناعات البتروكيماوية التي وصلت الى مرحلة النضج والاعتماد على الذات. إن تكلفة إنتاج الايثيلين والميثانول وغيره من البتروكيماويات في المملكة هي الاقل في العالم، ويجب ان ينعكس هذا على أداء شركاتنا البتروكيماوية. ويتم ذلك بالعمل على خفض النفقات ورفع كفاءة الانتاج. وأخيراً، إن الدراسة الجيدة للاستحواذات الكبيرة وعدم الاسراع في اتخاذ القرار هو أمر في غاية الأهمية والحكمة.